ظهر فيه قصد القربة ، إلّا أنّ القول بالوجوب والندب فيه أبعد ، والوقف والإباحة أقرب ، وبعض من جوّز المعاصي على الأنبياء قال : إنّها على الخطر.
فالحقّ عندي : أنّ ما ظهر فيه قصد القربة فهو للقدر المشترك بين الواجب والندب ، وهو مطلق الترجيح في حقّه وحقّنا ، وما لم يظهر فيه قصد القربة فهو للقدر المشترك بينهما وبين الإباحة ، وهو رفع الحرج عن الفعل.
أمّا مع ظهور القربة ، فلأنّها لا ينفكّ عن أحد قيدي الوجوب أو الندب ، و [القدر] المشترك بينهما هو مطلق الترجيح ، ولا دلالة للأعمّ على الأخصّ ، وكلّ واحد من القيدين مشكوك فيه ، وليس أحدهما أولى من الآخر.
وأمّا إذا لم يظهر قصد القربة ، فلأنّه لا ينفكّ عن أحد القيود الثلاثة : الوجوب ، والندب ، والإباحة ، والمشترك هو مجرد رفع الحرج ، ولا دلالة على الخصوصيّات ، فالمتيقّن هو المشترك ، وكلّ واحد من الخصوصيّات مشكوك فيه.
هذا في حقه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمّا في حقّنا ، فلأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن كان قد اختصّ بأمور ، لكنّها بالنسبة إلى الأحكام نادرة ، وحمل المجهول على الأغلب أولى من حمله على النادر ، فكانت المشاركة أظهر.
احتج القائلون بالوجوب بوجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١) وقد تقدّم
__________________
(١) النور : ٦٣.