فأمّا اللّطف ، فليس في العقل طريق إليه ، كما أنّه ليس في العقل طريق إلى كون تقديم تعريف الله تعالى بالعبادة الّتي يريد أن يعبّدنا بها بعد سنة لطفا ، ولهذا لم يعرّف الله سبحانه على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع ما يريد أن يتعبّدنا به في حالة واحدة.
وأمّا الثاني : فلعدم دليل سمعيّ يدلّ عليه.
احتجّ الآخرون بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)(١) والأمر للفور.
والجواب : المنع من كونه للفور.
سلّمنا ، لكن ليس المراد تبليغ الأحكام الّتي وقع النزاع فيها ، وإنّما المراد القرآن ، لأنّه المفهوم من المنزل. قاله قاضي القضاة ، وأجاب قاضي القضاة أيضا : بأنّ هذا الأمر إنّما يفيد وجوب تبليغه على الحدّ الّذي أمر أن يبلّغ عليه ، من تقديم أو تأخير.
اعترضه أبو الحسين : بأنّ الوجه الّذي أمر أن يبلّغ عليه ، هو التعجيل ، بدلالة هذا الأمر (٢).
وفيه نظر ، لأنّ الوجه إنّما يكون هو التعجيل لو كان هذا الأمر للفور.
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٥.