وعن الثاني بوجوه :
الأوّل : لا يجوز التمسّك بهذه الآية ، لأنّ الوقت الّذي أمروا فيه بذبح بقرة كانوا محتاجين إلى ذبحها ، فلو أخّر البيان ، لزم تأخيره عن وقت الحاجة ، وهو باطل إجماعا.
الثاني : المأمور به ليس ذبح بقرة معيّنة ، بل ذبح أيّ بقرة كانت ، لدلالة ظاهر الأمر على التنكير ، وهو يقتضي الخروج عن العهدة بذبح أيّ بقرة اتّفقت ، فلا يكون من صور النزاع.
لا يقال : انّهم سألوا عن تعيينها ، ولو كانت منكّرة لما سألوا عن تعيينها.
لأنّا نقول : ظاهر الأمر يدلّ على التنكير ، لقوله : «بقرة» والتعيين مخالف له ، وليس الحمل على التعيين ضرورة تصحيح سؤالهم ، ومخالفة ظاهر النصّ أولى من العكس ، بل موافقة ظاهر النصّ أولى.
وإذا كان المأمور به ذبح بقرة مطلقة بطل الاستدلال ، والتعيين باعتبار السؤال ، فإنّهم لمّا سألوا تغيّرت المصلحة ، ووجبت عليهم بقرة موصوفة باعتبار سؤالهم ، ولا يحصل الاكتفاء بالصفات الأخيرة ، لإمكان وجوب الصفات الأولى عقيب السؤال الأوّل ، والثانية عقيب الثاني ، وهكذا.
ولا نسلّم عود الكنايات إلى البقرة المذكورة ، لجواز أن تكون كنايات عن القصّة والشأن.
الثالث : سلّمنا أنّ هذه الكنايات تقتضي كون البقرة المأمور بها ، موصوفة ، ولكن هنا ما يدلّ على التنكير ، وهو : أنّ الأمر إنّما هو بذبح بقرة مطلقة ، وهو