ولا يجوز أن يكون المراد من البيان إظهاره بالتنزيل ، لأنّ قوله (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)(١) أمر له صلىاللهعليهوآلهوسلم باتّباع قرآنه ، وإنّما يكون مأمورا بذلك بعد نزوله ، فإنّه قبله لا يكون عالما به ، فكيف يمكنه اتّباع قرآنه؟
فاذن المراد من قوله : (فَإِذا قَرَأْناهُ) الإنزال ، ثمّ إنّه تعالى حكى بتأخير البيان عن ذلك ، وهو يقتضي تأخير البيان عن وقت الإنزال ، وإذا كان كذلك ، وجب أن لا يكون المراد من البيان الإنزال ، لاستحالة كون الشيء سابقا على نفسه.
سلّمنا ، لكنّه خلاف الظاهر ، ونمنع أنّ لفظ القرآن للجميع ، فإنّه كما يتناوله يتناول بعضه ، فإنّه لو حلف أن لا يقرأ القرآن ، ولا يمسّه ، فقرأ أو لمس البعض ، فإنّه يحنث في يمينه.
سلّمنا أنّ لفظ القرآن ليس حقيقة في البعض ، لكنّ إطلاق اسم الكلّ على البعض ، أسهل من إطلاق لفظ البيان على التنزيل ، لأنّ الكلّ مستلزم للجزء ، والبيان غير مستلزم للتنزيل.
ولا يجوز حمل البيان على التفصيليّ ، لأنّ اللّفظ مطلق ، فتقييده خلاف الظاهر.
ولا يجوز حمل الجمع على جمعه في اللوح المحفوظ ، لما تقدّم ، من أنّه تعالى أخّر البيان عن القراءة الّتي يجب على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم متابعتها ، وهو يستدعي تأخير البيان عن الإنزال.
__________________
(١) القيامة : ١٨.