وأيضا ، فإنّه إذا أمر بعبادة في وقت مستقبل أمرا عامّا ، فإنّ كلّ شخص يمكن اخترامه قبل الوقت ، ويخرج بذلك عن دخوله تحت الخطاب العامّ ، وهو يوجب التردّد في كلّ واحد واحد من الأشخاص هل هو داخل تحت ذلك الخطاب إذا لم يرد البيان به ، ومع ذلك فإنّه غير ممتنع اجماعا.
الرابع عشر : البيان إنّما يجب ليتمكّن المكلّف من أداء ما كلّف به ، والتمكّن من ذلك غير محتاج إليه عند الخطاب ، وانّما يحتاج إليه قبل الفعل بلا فصل ، فلا يجب تقديمه عند الخطاب ، كما لا يجب تقديم القدرة عند الخطاب.
الخامس عشر : سأل عمر عن «الكلالة» فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يكفيك آية الصّيف» (١) فكان يقول عمر : اللهم مهما شئت ، فإنّ عمر لم يتبيّن.
السادس عشر : وردت أخبار مستفيضة في بيان آيات من القرآن ، وإنّما تستفيض بعد مدّة ، وفي ذلك تأخير بيانها عنها إلى أن يستفيض الخبر.
السابع عشر : الصحابة نقلت أخبارا عند نزول الحاجة إليها ، وهي مخصّصة للعموم ، كالخبر في أخذ الجزية من المجوس ، وغير ذلك ، فلو لم يجز تأخير البيان ما نقلت ذلك.
الثامن عشر : يحسن من الملك أن يأمر بعض عمّاله بأمر ، ولا يبيّنه له ، بل يقول له: ولّيتك البلد الفلاني ، فاخرج إليه غدا ، وأنا أكتب لك تذكرة بتفصيل ما تعمله ، وكذا يحسن من السيّد أن يقول لغلامه : أنا آمرك بالخروج إلى السوق في
__________________
(١) وهي قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ...) النساء : ١٧٦ ، وسمّيت كذلك لأنّها نزلت في زمن الصيف. لاحظ صحيح مسلم ، كتاب الفرائض باب ميراث الكلالة برقم ٤٠٤١.