لا يقال : إضمار البعض وإن أفضى إلى الإجمال ، فليس في ذلك ما يفضي إلى تعطيل دلالة اللّفظ مطلقا ، لإمكان معرفة تعيين المراد بدليل آخر.
وأمّا محذور إضمار جميع التصرّفات فلازم مطلقا ، ومعلوم أنّ التزام المحذور الدّائم أعظم من التزام المحذور الّذي لا يدوم.
لأنّا نقول : بل إضمار الجميع أولى ، لكثرة استعمال الإضمار في اللّغة ، وقلّة المجمل بالنّسبة إليه ، ولو لا أنّ المحذور في الإضمار أولى ، لما كان استعماله أكثر.
ولانعقاد الإجماع على وجود الإضمار في اللّغة والقرآن ، واختلف في الإجمال ، وهو يدلّ على قلّة محذور الإضمار.
وقال قوم : إنّ إضافة الحكم إلى العين من قبيل المحذوف ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) أي أهل القرية ، [و] كذا قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ)(٢) أي أكل بهيمة الأنعام.
وهذا إن أراد به إلحاقه بالمجمل ، فهو خطأ ، وإن أراد حصول الفهم مع كونه محذوفا ، فهو صحيح ، وإن أراد به إلحاقه بالمجاز ، فهو مسلم ، كما أنّ الأسماء العرفيّة مجازات لغويّة حقائق عرفيّة.
__________________
(١) يوسف : ٨٢.
(٢) المائدة : ١.