وأيضا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم «لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشحوم فجمّلوها فباعوها» (١) فدلّ على أنّ تحريم الشّحوم أفاد تحريم كلّ أنواع التصرّف وإلّا لم يتوجّه الذّم عليهم بالبيع.
وأيضا ، يفهم من قولنا : «فلان يملك الدّار» قدرته على التّصرّف فيها بالسّكنى والبيع ، ومن قولنا : «[فلان] يملك الجارية» قدرته عليها بالتّصرّف بالبيع ، والوطء ، والاستخدام ، وإذا جاز أن تختلف فائدة الملك على هذا النحو ، جاز مثله في التحليل والتحريم.
احتجّوا : بأنّ الأعيان غير مقدورة لنا لو كانت معدومة ، فكيف لو كانت موجودة؟ فيستحيل تعلّق التحليل والتحريم بها ، وإضافتهما إليها ، فلا يمكن إجراء اللّفظ على ظاهره ، بل المراد : تحريم فعل من الأفعال المتعلّقة بتلك الأعيان ، وذلك الفعل غير مذكور ، فيجب إضمار ما يكون متعلّقا بذلك الحكم من الأفعال ، حذرا من إهمال الخطاب بالكليّة.
ولا يجوز إضمار الجميع ، لأنّ الإضمار على خلاف الأصل ، فيجب أن يتقدّر ما تندفع به الضرورة تقليلا للإضمار المخالف للأصل.
وليس إضمار البعض أولى من البعض الآخر ، لعدم دلالة دليل على تعيينه ، فيتحقّق الإجمال.
وأيضا فالآية لو دلّت على تحريم فعل معيّن ، لوجب أن يتعيّن ذلك الفعل
__________________
(١) صحيح البخاري كتاب البيوع ، باب بيع الميتة والأصنام برقم ٢٢٣٦ ؛ سنن أبي داود : ٣ / ٢٧٩ برقم ٣٤٨٦ ؛ صحيح الترمذي : ٣ / ٥٩١ برقم ١٢٩٧ ؛ سنن النسائي : ٧ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ ؛ وسنن ابن ماجة : ٢ / ٧٣٢ برقم ٢١٦٧ ؛ ومسند أحمد بن حنبل : ٣ / ٣٢٤ و ٣٢٦.