أمّا النصّ ، فهو كلّ كلام تظهر إفادته لمعناه ، ولا يتناول أكثر منه ، هذا ما ذكره فخر الدين الرازي (١) واحترز بالكلام عن أدلّة العقل والأفعال ، الّتي لا تسمّى نصوصا ، وعن المجمل مع البيان ، فإنّه لا يسمّى نصّا ، لأنّ قولنا : نصّ ، عبارة عن خطاب واحد دون ما يقترن به.
ولأنّ البيان قد يكون غير القول ، والنصّ لا يكون إلّا قولا.
واحترزنا بقولنا : تظهر إفادته لمعناه ، عن المجمل.
لا يقال : إنّه قد يقال : نصّ الله تعالى على وجوب الصلاة وإن كان قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) مجملا.
لأنّا نقول : إنّه نصّ في إفادة الوجوب ، وليس بمجمل فيه ، بل في متعلّقه.
واحترزنا بقولنا : لا يتناول أكثر منه ، لأنّ الرّجل إذا قال لغيره : اضرب عبيدي ، لم يقل أحد إنّه نصّ على ضرب سالم من عبيده ، لأنّه لا يفيده على التّعيين ، ويقال : إنّه نصّ على ضرب جملة عبيده ، لأنّه لا يفيد سواهم. (٢)
وفيه نظر ، لأنّ إدخال لفظي الكلّ والبعض في الحدّ غلط.
ولأنّه يدخل فيه الظاهر ، وهو قسيم له.
والاعتذار بإخراج المجمل مع البيان ، بأنّ النصّ كلام واحد غير مفيد لانتقاض الحدّ بصدقه على ما لا يصدق المحدود عليه.
__________________
(١) المحصول : ١ / ٤٦٢.
(٢) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٦٢.