والجواب لا بدّ له مع قيام المخصّص (١) ، وقد بيّنا أنّه تعالى يجوز أن يخاطب بالمجاز كما يخاطب بالحقيقة ، وفي القرآن ضروب كثيرة من المجاز ، وأكثر عمومات القرآن قد أريد بها الخصوص حتّى قيل : إنّه لم يرد عامّ إلّا وهو مخصّص إلّا في قوله تعالى (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢).
ولمّا ثبت أنّه تعالى حكيم ، وجب أن يكون في الخطاب بالمجاز وجه مصلحة زائدة على وجهها في الخطاب بالحقيقة ويمكن أن يكون الوجه في ذلك التعريض لزيادة الثواب ، لاشتمال النظر في ذلك والفكر ، على زيادة مشقّة ، يستحقّ به زيادة الثواب ، كما نقوله في حسن الخطاب بالمتشابه ، ويجوز أن يعلم أنّه يؤمن عند ذلك ويطيع من لولاه لم يطع.
وقد ظنّ بعض الناس جواز التّساوي في الحقيقة والمجاز عند الحكيم في جميع الوجوه ، ويكون مخيّرا في الخطاب بأيّهما شاء. (٣)
وليس بصحيح ، لأنّ العدول عن الحقيقة ، الّتي هي الأصل ، إلى المجاز ، لا بدّ له من غرض زائد ، ولو كونه أفصح وأبلغ وأوجز.
__________________
(١) في «أ» و «ج» : لا يدافع قيام المخصص.
(٢) الأنعام : ١٠١.
(٣) نقله السيد المرتضى عن بعض الأصوليين ولم يعيّن قائله. لاحظ الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٣٨.