الاستفسار عن إرادة الجميع ، وجعل الصيغة حقيقة فيما لا يحسن الاستفسار عنه ، أولى ممّا يحسن ، لأنّ الاستفهام ، طلب الفهم ، وطلب الفهم عند حصول المقتضي للفهم عبث ، لكنّ من المعلوم حسن أن يقول العبد : كلّ الرجال أكرمهم وكلّ داخل أعطيه (١) أو بعضهم حتّى الفسّاق.
الرابع : لو كان قوله : «رأيت الرّجال» مثلا للعموم ، لكان إذا أريد به الخصوص ، يلزم كذب المخبر ، كما لو قال : «رأيت عشرين» وكان قد رأى عشرة بخلاف ما إذا كانت للخصوص ، وأريد بها العموم.
الخامس : لو كانت للعموم ، لم يفد تأكيدها شيئا غير ما أفادت ، وذلك عبث.
السادس : لو كانت للعموم ، لكان الاستثناء نقضا لإفادة الاستغراق بأوّل الكلام ، ثمّ بالاستثناء رجع عن تلك الإفادة ، كما لو قال : «ضربت كلّ من في الدّار» ثمّ يقول : «لم أضرب كلّ من في الدّار».
ولأنّ العموم لو استغرق ، لكان قوله : «ضربت الكلّ» بمنزلة «ضربت زيدا وعمروا وخالدا» ثمّ يقول : «إلّا زيدا» ، ولمّا لم يحسن هنا ، فكذا ثمّ ، ولمّا حسن ثمّ ، دلّ على أنّها ليست للاستغراق.
السابع : لو كانت للعموم ، لما صحّ جمعها ، فإنّ الجمع يفيد ما لا يفيده المجموع (٢) ولا كثرة بعد الاستغراق ، فلا يجمع.
__________________
(١) في «ب» : أكرمتهم وكل داخل أعطيته.
(٢) في «ج» : لا يفيده الواحد.