وأجاب قاضي القضاة : بأنّ الأمّة أجمعت بأنّ الّذي يسقط فرض الصّلاة ، هو ما دخل تحت التكليف ، ولهذا لمّا كانت الصّلاة بغير طهارة ، غير داخلة تحت التكليف ، لم تقم مقام الواجب ، والصّلاة في الدار المغصوبة ، لم يدخل تحت التكليف. (١)
قال السيّد المرتضى : تصحّ الصّلاة في الضّيعة المغصوبة ، لقضاء العادة بأنّ صاحبها لا يحظر على أحد الصلاة فيها ، والتّعارف كالإذن وكذا من ليس بغاصب لو دخل الدّار مجتازا ، للعادة بانّ النّاس يسوغون الصلاة لغير الغاصب.
امّا من صلّى وهو يدافع الأخبثين ، فإنّ صلاته صحيحة ، لأنّ وجه النهي تأثير المدافعة في التثبّت ، والخشوع ، والطمأنينة الكاملة ، ونحن نعلم صحّة الصّلاة وإن فقدت هذه ، وقد يدافع الأخبثين ، ويتصبّر على أداء ما يجب عليه.
ثمّ قال : الإيمان إذا جعلناه اعتقادا بالقلب ، أو قولا باللسان ، صحّ في الدّار المغصوبة ، لأنّه لا تعلّق له بالدّار على كلا التفسيرين ، بخلاف الصلاة ، حيث كان غاصبا ومتصرّفا في ملك غيره (٢).
وفيه نظر ، فإنّ الإيمان إذا جعلناه إقرارا باللّسان ، كان تصرّفا في ملك الغير بإحداث كونه في بعض أعضائه ، وهو منهيّ عنه ، ولزمه تجويز صلاة المومي بإخفائه لشدّة مرضه.
__________________
(١) لاحظ المعتمد : ١ / ١٨٥.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ١٩٤ ـ ١٩٥.