وقريب منها الكتاب والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة الدالّة على اعتبار العدالة ، بناءً على أنّ المتبادر منها عرفاً وعادةً ليس هو مجرد الإسلام مع عدم ظهور فسق جدّاً ، سيّما بملاحظة ما يستفاد من جملة وافرة من النصوص في موارد عديدة من اعتبار الأعدليّة ، ولا يتأتّى إلاّ بقبولها المراتب المرتّبة ضعفاً وقوةً ، ولا يكون ذلك إلاّ بتفسيرها بغير ذلك مما يرجع إلى أمر وجوديّ ، وإلاّ فالأمر العدمي ولو ركّب مع وجوديّ لا يقبل المراتب ، كما هو واضح.
ومع ذلك فالنصوص بردّها بالخصوص مستفيضة ، ففي الصحيح : بم تعرف عدالة الرجل من المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : « بأن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكفّ البطن والفرج واليد واللسان ، وباجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار من شرب الخمر ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وغير ذلك ، والدليل عليه أن يكون ساتراً لعيوبه ، حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ، وأن لا يتخلّف عن جماعة المسلمين في مصلاّهم إلاّ من علّة ، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلاّ خيراً ، مواظباً على الصلوات ، متعاهداً لأوقاتها في مصلاّه » (١).
وعن مولانا العسكري عليهالسلام في تفسير قوله تعالى ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) (٢) قال : « يعني ترضون بدينه وأمانته وصلاحه وعفّته وتيقّظه فيما يشهد به وتحصيله وتمييزه ، فما كلّ صالح مميّز ، ولا كلّ محصّل مميّز
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٢٤ / ٦٥ ، الوسائل ٢٧ : ٣٩١ كتاب الشهادات ب ٤١ ح ١.
(٢) البقرة : ٢٨٢.