إلّا انّ هذه الحقيقة حرّفت حتّى سمّي في الاخبار «بالامام المريض» وصوّر في اذهان الناس وكأنه رجل نحيف ممتقع اللون اصفر الوجه نحيل ويتوكّأ على العصا ، بل واختلقت امور لا اساس لها من الصحّة من قبيل حجرة زواج القاسم في ليلة عاشوراء ، لاجل استدرار دموع الحاضرين في مجالس العزاء ، وتسللت امثال هذه التلفيقات إلى كتب المقاتل والمراثي ، وفتح باب القضايا تحت عنوان الرؤيا (الصادقة أم الكاذبة) وتمّ تناقلها من فم إلى فم حتى أضحت تدريجيا وكأنّها امر صحيح وبديهي لا غبار عليه.
انّ واجب الواعين والمتصدين لهذه القضايا هو التبيان الصحيح لماهيّة الثورة الحسينية ، وعرض المقاتل والمراثي والخطب الصحيحة التي تنقل من مصادر موثوقة ، وكذلك الوقوف دون قراءة المراثي الكاذبة ، ومنع قراء المراثي الجاهلين ، والمدّاحين المتكسّبين والوعّاظ الاميين من نقل أمثال هذه الأكاذيب والتحريفات.
تمّ في العقدين الأخيرين تأليف كتب قيّمة في تحليل ماهيّة وأهداف الثورة الحسينية ، ونظمت أشعار ذات مغزى ومتطابقة مع روح عاشوراء. وأشارت بعض الكتب إلى التحريفات التي وقعت في نقل وقائعها وحقيقتها سواء في اللفظ أم في المضمون (١).
ـ آداب الوعظ والمنبر ، أهداف ثورة كربلاء ،
عاشوراء ، ثقافة عاشوراء ، الشفاعة
__________________
(١) نوصي في هذا الصدد بمطالعة كتاب : «الملحمة الحسينية» للشهيد المطهري كما يمكن مراجعة كتاب «اللؤلؤ والمرجان» للمحدّث النوري الذي نقل فيه امثلة كثيرة للاخبار الكاذبة ، والحوادث المختلقة التي جاءت على ألسنة قرّاء المراثي وفي الاشعار بشأن وقائع الطف ، التي اوردها في باب ضرورة اجتناب الكذب ، والتزام الصدق في الكلام ، ويمكن أيضا مراجعة كتاب «التنزيه لاعمال الشبيه» الذي اورد السيّد محسن الامين خلاصة له في كتاب «اعيان الشيعة ١٠ : ٣٧٣» فما بعدها ، وكتاب «اكسير السعادة في اسرار الشهادة» للسيد عبد الحسين اللاري ، و «الآيات البينات في قمع البدع والضلالات» لكاشف الغطاء.