بلوغ المدينة أمره الإمام السجاد بدخولها ونعي استشهاد أبي عبد الله عليهالسلام وإعلام الناس بمجيء أهل البيت. وكان يجيد الشعر مثل أبيه ، فدخل المدينة حتى بلغ مسجد النبي صلىاللهعليهوآله ونعى إلى أهل المدينة خبر استشهاد الإمام الحسين ، وعودة عياله ، بهذين البيتين :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها |
|
قتل الحسين فأدمعي مدرار |
الجسم منه بكربلاء مضرّج |
|
والرأس منه على القناة يدار (١) |
البصرة :
مدينة كبيرة ومهمّة في العراق ، وفيها ميناء يقع على شط العرب في مقابل مدينة خرمشهر وتكثر فيها المزارع والبساتين. المعنى اللغوي لكلمة البصرة هي الأرض الصلبة الوعرة ، وكانت قديما تسمى بالخريبة ، وتدمر ، والمؤتفكة. وتطلق كلمة العراقين على الكوفة والبصرة أيضا. بنيت البصرة في عام ١٤ للهجرة في زمن عمر بن الخطاب قبل ستّة اشهر من بناء الكوفة. واتخذها الامويون مدّة من الزمن عاصمة لهم ، ومن القابها أيضا قبّة الاسلام ، وخزانة العرب. قاتل الإمام علي عليهالسلام المتمردين الذين اجتمعوا ضده بالبصرة في الوقعة المعروفة بمعركة الجمل ، وذمّها في مواضع عديدة من نهج البلاغة في قوله فيها وفي أهلها :
«لعنك الله ، يا أنتن الارض ترابا ، وأسرعها خرابا ، وأشدّها عذابا ، فيك الداء الدويّ. قيل : ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : كلام القدر الّذي فيه الفرية على الله سبحانه وبغضنا أهل البيت وفيه سخط الله وسخط نبيّه وكذبهم علينا أهل البيت واستحلالهم الكذب علينا» وهذا ما يعكس وجود افكار منحرفة عن أهل البيت ومواقف معادية لهم.
كانت البصرة في مستهل امرها مركزا لاشياع عثمان ، إلّا انها تحوّلت من بعد
__________________
(١) حياة الإمام الحسين ٢ : ٤٢٣ ، اللهوف : ١١٦.