واستبشر أصحاب الإمام بالشهادة بين يديه ، وقد حدّث المؤرخون عنهم بما يبهر العقول فهذا حبيب بن مظاهر خرج إلى أصحابه وهو يضحك قد غمرته الأفراح فأنكر عليه يزيد بن الحصين ذلك ، فرد عليه : أي ساعة أولى من هذه بالسرور. والله ما هو إلّا انّ تميل علينا هذه الطغاة بسيوفها فنعانق الحور العين. وأقبل الحسين إلى خيمته فأخذ يعالج سيفه ويصلحه وهو يقول :
يا دهر افّ لك من خليل |
|
كم لك بالاشراق والأصيل |
ولما سمع الإمام السجّاد كلام أبيه عرف ما أراد فأخذته العبرة ، وبكت زينب ، فقال لها أخوها : لا يذهبن بحلمك الشيطان.
ليلة الوحشة :
هي الليلة الاولى التي تمرّ على ذوي الميت ، وهي ليلة الحادي عشر من محرّم ، وتطلق على المأتم والعزاء الذي يقام بعد تلك الليلة ، وتطلق هذه الكلمة اصطلاحا على شعائر العزاء التي تقام ليلة الحادي عشر من شهر محرّم ، ويجلس فيها الناس بعد غروب الشمس في المساجد والتكايا على هيئة مجموعتين منفصلتين وينشدون المراثي الحزينة تخليد الذكرى سبايا البيت ، وتجري هذه الشعائر عادة بحمل الشموع في ليل مظلم ، واكثر ما يستفاد من الاطفال والصبيان في اجراء هذه الشعائر التمثيلية المأساوية للتذكير بتشريد أهل البيت وعيال شهداء كربلاء في غروب ليلة يوم العاشر حيث بقوا مشردين من غير ملاذ ولا مأوى وتائهين في ظلمة الليل في صحراء كربلاء.
«تقام في هذه الليلة شعار بسيطة وذات طابع مأساوي حزين ، يلبس الناس فيها السواد ويحملون الشموع وينثرون على رءوسهم التبن ويعفّرون جباههم بالتراب وينشدون قصائد حزينة ويسيرون في الشوارع ، ويجلسون بعد مسير بضعة خطوات ويبكون بهدوء وحزن. في هذه الليلة لا يلطمون ولا يهزّون الاعلام».