الصراع بين الحق والباطل على مدى الزمان وفي كلّ مكان ، ويبدو ان كربلاء وعاشوراء هي ابرز حلقات هذه السلسلة الطويلة. والحق والباطل في مواجهة مستمرة مع بعضهما. وتقع على عاتق جميع الاحرار مهمة حراسة الحق ومجابهة الباطل. ومن البديهي ان الوقوف موقف اللامبالاة والتفرّج على مشاهد الحق والباطل ينم عن حالة انعدام التديّن.
انّ معركة الطف وان كانت أقصر المعارك إذ انها لم تستغرق أكثر من نصف يوم ، إلّا انّها من حيث الامتداد تعتبر أطول صراع ضد الظلم والباطل. وطالما كان هناك من يقول : «يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما» (١). فستبقى جبهة كربلاء تنبض بالحياة ، وصراع عاشوراء قائم على الدوام ، ومثلما أصبح الحسين وارثا لآدم وابراهيم ونوح وموسى ومحمد (عليهمالسلام) ، فكذا يصبح أتباع مدرسة عاشوراء ورثة لخط الجهاد والشهادة الدامي. ولن ترى راية كربلاء مطروحة على الارض يوما. وهذا هو جوهر التشيّع في بعده السياسي.
ذكر أحد الكتاب يقول : «أنا على يقين بانّ الحسين لو وجد في زماننا هذا لصنع من القدس وجنوب لبنان وأكثر المناطق الاسلامية كربلاء ثانية ، ووقف نفس الموقف الذي وقفه من معاوية ويزيد ، وسوف لا يناصره ممن يدّعون الإسلام والتشيّع وممن يتباكون على القدس والجنوب ويتاجرون بهما في البيانات والخطب وعلى صفحات الجرائد وبالبنادق التي يحملونها في الشوارع والنوادي اكثر من العدد الذي ناصره ووقف إلى جانبه في كربلاء الاولى» (٢).
وهذا الرأي يدحض الرأي القائل ان كربلاء وثورة الإمام الحسين عليهالسلام كانت تكليفا خاصا بالامام ولا يمكن اتباع نهجه فحينما اكد الإمام الحسين كما جاء في خطبته على ضرورة القيام ضد السلطة الجائرة التي احلت حرام الله
__________________
(١) زيارة عاشوراء.
(٢) الانتفاضات الشيعية لهاشم معروف الحسني : ٣٨٥.