أرض العراق ، ولا سيما المنطقة المحصورة بين نهري دجلة والفرات أرض خصبة وكثيرة النفوس. بعد ان فتحت أرض العراق صار اهلها على معرفة بآل على ، نتيجة لوجود اشخاص مثل ابن مسعود وعمار بن ياسر كولاة أو قادة عساكر فيها. وفي اعقاب معركة الجمل حين اتّخذ امير المؤمنين عليهالسلام الكوفة عاصمة له ، صار أهل هذه البلاد أكثر معرفة به وبآله ، وهذا ما دفع معاوية وآل مروان للقضاء على التشيّع ومحبة آل الرسول في هذه الديار (١).
كانت هناك على الدوام خصومات بين أهل الشام وأهل العراق. وبعد مقتل امير المؤمنين وتصالح الإمام الحسن ، خضعت هذه البلاد للامويّين الذين بالغوا في قمع شيعة امير المؤمنين والتنكيل بهم.
كانت بلاد العراق محكومة على الدوام بالثورات والاضطرابات ، وتتداولها الحكومات المختلفة.
كان أهل العراق بمثابة القلب بالنسبة للدولة الاسلامية ، ومركزا للطاقات البشرية وجمع الجيوش ومصدرا للمال والثروة وقاعدة لانطلاق العساكر والجيوش (٢) ، ولا سيما ولاية الكوفة التي كان لها بين مدن العراق مكانة خاصّة ، وكانت بؤرة للصراعات السياسية والثورات ، وكان لها دور كبير حتّى في الاحداث السياسية التي اعقب واقعة كربلاء من قبيل خروج المختار ، وانطلاق الثورات ضد الحكومة الأموية ، ولعل هذه الاسباب هي التي حدت بالامام الحسين للمسير إلى العراق من بعد المكوث لبضعة اشهر في مكّة ـ تلبية للدعوات المتواصلة التي وصلته من أرض الكوفة ـ خاصة وانّ شيعته وشيعة أبيه كثيرون في الكوفة وقد وصلته الكثير من كتبهم التي يدعونه فيها للقدوم إليهم ، كما وردت روايات تتحدّث عن استشهاده في أرض العراق ، منها ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قال
__________________
(١) تاريخ الشيعة للمظفري : ٦٧.
(٢) حياة الإمام الحسين بن علي ٣ : ١١.