السلام انّه قال : «ما من أحد قال في الحسين عليهالسلام شعرا فبكى وابكى به إلّا أوجب الله له الجنّة وغفر له» (١). وعلى هذا الاساس فان الكثير من أشعار عاشوراء موجودة في ثقافتنا الدينية في قالب القصيدة ، والرباعيات ، وما شابه ذلك ، وتستخدم في شعائر التأبين والعزاء في شتى المناسبات.
ويصوغ شعراء الطف مشاعرهم تجاه هذه الملحمة الكبرى في قالب شعري. وعلى هذا النمط تبلورت الآداب الغنية للشيعة بلغات مختلفة. ففي اللغة العربية شقّت هذه الواقعة طريقها إلى الشعر في اعقاب واقعة كربلاء مباشرة ، ونظم أهل البيت الاشعار في رثاء فصولها الدامية. ودأب الشعراء في السنوات والقرون اللاحقة على استخدام اسلوب الشعر لصياغة معالم تلك الثورة والمصائب التي جرت على أهل البيت. وسلسلة شعراء الرثاء سلسلة طويلة ، ولكن بالمستطاع ذكر عدد منهم كما يلي : سليمان بن قتّة (م : ١٢٦) ، والكميت بن زيد (م : ١٢٦) ، والسيد الحميري (م : ١٨٣) ، ومنصور النمري (١٩٠٠) ، ودعبل الخزاعي (م : ٢٤٦) ، والزاهي (م : ٣٥٢) ، وأبو فراس الحمداني (م : ٣٥٧) ، والسيد الرضي (م : ٤٠٦) ، وعلاء الدين الحلّي (م : ٧٨٦) ، وغيرهم.
اختلفت أساليب الشعراء في نظم الاشعار حول واقعة الطف ؛ فبعضها جاء على شكل رثاء حار شجي يثير المشاعر ويلهب الاحاسيس ، ويركز على الجوانب العاطفية والروحية من الواقعة. ويتّسم بعضها الآخر بالطابع الروائي على غرار المقتل. أما البعض الآخر ولا سيما الشعراء المتأخرين سواء العرب منهم أم الفرس ، فيميلون إلى انتقاد حالة البكاء او العزاء المجرّد ، بل ينظرون إلى عاشوراء من زاوية بعدها الحماسي والثوري ، لتكون مثالا يحتذى به في مقارعة الظلم والجور وعوامل الفقر ، والدفاع عن الحقّ والعدل والانسانية والحرية. وقد استنكروا على الشيعة والمسلمين اكتفاءهم بالبكاء واقامة المأتم على حادثة عاشوراء ، وعدم استلهام
__________________
(١) رجال الشيخ الطوسي : ٢٨٩.