السلام واصحابه ، فالحماس المنقطع النظير في سوح الوغى ، وسبي العيال وغيرها من الامور كلّها تدلّ على الشجاعة التي توارثها شهداء كربلاء من الاسلاف ، كانت ملحمة كربلاء منذ انطلاقتها وحتى مراحلها الأخيرة مشاهد تتجسد فيها معالم الشجاعة بشتّى صورها ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، فالقاطعية التي أبداها الامام الحسين عليهالسلام في معارضة يزيد وعدم البيعة له ، والعزم الراسخ على المسير نحو الكوفة والتصدّي لانصار يزيد ، وعدم انهيار معنوياته لسماع الاخبار والاوضاع التي كانت تجري في الكوفة ، واعلان الاستعداد لبذل دمه والتضحية بنفسه في سبيل إحياء الدين ، وعدم الخوف من كثرة الجيش المعادي واكتمال عدته وعدده ومحاصرته له في كربلاء ، ووثوب مسلم بن عقيل بالكوفة ، وفضح الأمويين على يد قيس بن مسهّر بين يدي والي الكوفة وعلى اسماع عامة الناس ، والقتال العنيف الذي خاضه الحسين وجنوده واهل بيته ، وصور البطولة الفردية التي أبداها العباس ، وعلى الاكبر ، والقاسم ، وعامة ابناء علي وأبناء عقيل ، والخطب التي ألقاها الامام السجاد وزينب عليهماالسلام في الكوفة والشام وغيرها من المواقف والمشاهد البطولية تعكس بأجمعها عنصر الشجاعة الذي يعدّ من أوّليات ثقافة عاشوراء ، كان آل الرسول امثلة بارزة في الشجاعة والاقدام وثبات الجنان ، وكانت قلوبهم خالية من الخوف من العدو ، وكانت ساحات القتال في زمن الرسول وحروب الجمل وصفين والنهروان شاهدا يعكس شجاعة آل علي.
اعتبر الامام السجاد عليهالسلام الشجاعة من جملة الخصال البارزة التي منّ الله بها على هذه الأسرة الكريمة ، وقال في خطبته في قصر يزيد : «أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة» (١) ، وكانت هذه الشجاعة في مجال القول واللسان ، وكذلك في مجال المنازلة ومقاتلة العدو ، والاغارة الفردية على صفوف جيشه. وكذلك في تحمّل المصائب والشدائد ، وعدم الانهيار والقبول بالدنيّة.
__________________
(١) بحار الانوار ٤٥ : ١٣٨ و ١٧٤.