وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبورا وخالف محرما (١) |
وهو ما يدل على انّه عليهالسلام لا يرى الموت في طريق الحق والجهاد والتضحية اقتداء بالصالحين ، عارا ، بل انّه يرحّب بمثل هذا الموت الذي هو عين الحياة. واتباع هذه المدرسة يرون الحياة في الموت ، والبقاء في الفناء ، فالقاسم عليهالسلام يرى الموت احلى من العسل ، وعلي الأكبر عليهالسلام لما سمع اباه يسترجع سأله : السنا على الحق؟ قال : نعم ، قال : «اذن لا نبالي بالموت».
وفي ليلة عاشوراء اذن لاصحابه بالانصراف ، وقال لهم : انتم في حلّ منّي. فكان قولهم جميعا : انذهب لنحيى بعدك؟ لا أتى الله بذلك اليوم. وقال ابناء مسلم بن عقيل : نقاتل بين يديك حتّى نقتل ، تعسا للحياة بعدك (٢).
وفي نهار عاشوراء تكلّم زهير بن القين مع الشمر ، فهدده الشمر ، فقال له زهير : «أبالموت تهددني؟ والله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم» (٣).
فان كانت الحياة غير هذه ، فهي في ظاهرها حياة ولكنّها في حقيقتها الموت بعينه ، من مزايا الحياة ان تزخر بمعالم الحياة وخصائصها ، وان يسير الانسان قدما في ظل العقيدة والايمان ، كما وصفها الشاعر بالقول :
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا |
|
إنّ الحياة عقيدة وجهاد |
والقرآن الكريم يعبّر في وصف الشهداء بالقول : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ؛ أي انّ أجسادهم وان دفنت تحت التراب إلّا ان اسمهم وهدفهم باق ، وهذا هو معنى الحياة.
ـ دروس من عاشوراء
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرّم : ١٩٩.
(٢) الكامل لابن الاثير ٢ : ٥٥٩.
(٣) نفس المصدر السابق : ٥٦٣.