يقول هذا القول وقت الإحرام والدعاء والاشتراط على ربه في حله حيث حبسه. ومن الظاهر البين ان النية حقيقة أمر وراء ذلك ، وهي القصد الى الفعل بعد تصور الداعي الباعث له على حركته من وطنه وتوجهه الى هذا الوجه وخروجه ، وان عبر عن ذلك بالنية مجازا فلا مشاحة في ذلك.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان في المقام فوائد الأولى : قال الشيخ في المبسوط ـ على ما نقله في المختلف ـ : لو أحرم مبهما ولم ينو لا حجا ولا عمرة كان مخيرا بين الحج والعمرة أيهما شاء فعل إذا كان في أشهر الحج ، وان كان في غيرها لم ينعقد إحرامه إلا بالعمرة. وبذلك صرح العلامة في المنتهى مستندا الى حديث علي (عليهالسلام) (١) وإحرامه لما رجع من اليمن ، وقال : «إهلالا كإهلال النبي صلىاللهعليهوآله». مع انه رده في المختلف ـ بعد نقله عن الشيخ ـ بان الواجب عليه أحد النسكين ، وإنما يتميز أحدهما عن الآخر بالنية. وهو جيد. ويؤيده ما قدمناه في بحث النية من كتاب الطهارة ، من ان مدار الأفعال ـ وجودا وعدما ، واتحادا وتعددا ، وصحة وبطلانا وجزأيها ثوابا وعقابا ـ على القصود والنيات ، كما دلت عليه الاخبار المذكورة في ذلك المقام.
ثم انه في المختلف أجاب عن حديث علي (عليهالسلام) بالمنع من انه لم يعلم إهلال النبي (صلىاللهعليهوآله). ولا يخلو من بعد. وسيأتي تحقيق القول فيه ان شاء الله تعالى.
الثانية ـ قال المحقق في الشرائع : لو أحرم بالحج والعمرة وكان
__________________
(١) الوسائل الباب ٢ من أقسام الحج.