الإحرام. وقوله : «وقد ترى أناسا يحرمون فلا تفعل» يعني : يلبون ويعقدون بالتلبية. فنهاهم عن ذلك حتى يبلغوا البيداء ، وأمرهم بالإحرام في محاملهم ، يعني : التلبية ، كما يشير اليه قوله : «تقول» يعني : تحرم بهذا القول.
والخبر ظاهر في تعيين تأخير التلبية إلى البيداء ، ومعتضد بالأخبار المتقدمة. والظاهر ان هذا حكم مختص بالإحرام من مسجد الشجرة ، فلا تنافيه الأخبار الدالة على التخيير وأفضلية التأخير في غير هذا الميقات وجملة من الأصحاب استندوا في التخيير في هذا الميقات الى التخيير الوارد في غيره من المواقيت. وفيه ما عرفت.
الثاني ـ انه قد تقدم في اخبار المواقيت انه لا يجوز لأحد قاصد النسك ان يتجاوزها إلا محرما ، مع ان هذه الاخبار دلت على تجاوزها الى البيداء ـ وهو على ميل من مسجد الشجرة كما عرفت ـ بغير إحرام ـ لأن الإحرام ـ كما عرفت ـ انما يحصل بالتلبية ، وهي قد دلت على تأخير التلبية إلى البيداء. ومن هنا صرح العلامة (قدسسره) في ما قدمنا نقله عنه من المنتهى انه يحرم سرا بعد الصلاة في المسجد ، قاصدا بذلك حمل روايات تأخير التلبية إلى البيداء على تأخير الإجهار بها لا تأخيرها ولو سرا. إلا ان حمل الروايات على ما ذكره بعيد جدا ، ولا سيما صحيحة معاوية بن وهب المذكورة. ولا يحضرني الآن وجه في الخروج عن هذا الإشكال. إلا ان تحمل الأخبار الدالة على النهي عن تجاوز تلك المواقيت إلا محرما على ما هو أعم من الإحرام والتهيؤ له ، فإن إطلاق الإحرام على الصلاة له والدعاء بعدها ـ بعد الغسل ولبس ثوبي الإحرام ونحو ذلك ـ غير بعيد ، بل هو أقرب المجازات ، وان كان