وأنا لازلت منهمكاً بنسك الولاء تداعى في ذاكرتي حضورُ عليّ بين ظهراني حياتنا بما زاد على عقود ستّ لا أكثر من عمره المنير الممتدّ مذ ذلك الحفر على اللوح الشهير بالألق المنقطع النظير البالغ ذروته في ملحمة الغدير وما تلاها من عصيان القوم المثير ... ثم ارتفاعه الربّانيّ عبر واقعة المحراب الذائعة الصيت وفجرها الشهير .. فأيقنتُ ثانيةً أنّ عليّ الماضي هو الذي يقودني اليوم إلى غدي الآتي ، غدي الراشح من صادق حبّي وراسخ اعتقادي.
الوقفة الاُخرى :
شاءت الألطاف الالهيّة ، ولعلّها الصدفة ، أن يكون محلّ جلوسي خلال لقائنا المرجع الدينيّ الأعلى السيّد علي السيستاني في الجهة المقابلة لمحلّ جلوسه مُدّ ظلّه .. وكعادتي في هكذا فرص ثمينة أسعى لاغتنام الوقت بالانشغال في النظر إلى وجه العالِم عموماً والمرجع خصوصاً التزاماً بنصّ الحديث ، استجمعتُ قواي كي أنقطع إلى التحديق طويلاً في محيّاه الشريف ، ولاسيّما حين قبض على شيبته المباركة وكأ نّه يرميني بخفيّ الطرف المهيب بنظرة الأب الشفيق ، حسبتُها هكذا فسررتُ هكذا ، ولعلّه لم يرني أبدا ، لكنّي حدّثتُ نفسي هكذا .. ولا اُخفي امتعاضي لمّا نادى المنادي بذاك النداء : انتهى زمن اللقاء ، غادِروا المكان يا أعزّاء ; إذ شحّ علينا بغنيمة إكثار البقاء.
نعم ـ وكما عهدته في أوّل لقاء حفلت به معه دام ظلّه قبل إثني عشر