الإسلام الذي جاء بمنظومة قيَمية مصيرية هدفها قيادة الإنسان وبرمجة شؤونه المعرفية والاجتماعية والاقتصادية ، فكان من الطبيعي وهو بهذا الحجم الكبير والمهامّ العظام أن يثير قلق الآخرين وخوفهم على كياناتهم ومنافعهم ، فانطلقت ردود الأفعال المتفاوتة ضعفاً وشدّة ـ تبعاً لكيفية الآليات والمناهج وعدّتها ـ من أجل مجابهة هذا القادم الجديد والجارف المهيب.
فلا عجب أن يتحوّل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بفعل مشروعه المثير بين ليلة وضحاها إلى عدوٍّ خطير لقريش النوع وأقرانها بعد ما كان النموذج الأخلاقي الأرقى والعزيز المدلّل الأدنى ، فتجرّع وقاسى وعانى حتى قال : «ما اُوذي نبيٌّ مثلما اُوذيت» وكان لابدّ أن يستمرّ الدين وتستمرّ المنافسات مادامت هناك حياة وقيم ومراكز قرار وسلطة وهيمنة ومنافع.
لم يصب النبي (صلى الله عليه وآله) بإحباط أبداً رغم كلّ محاولات الحذف والهدم والترويع ، الأمر الذي انعكس إيجابياً على سير الرسالة وثبوتها في مواجهة عناصر النفي والتغييب والتشويه ، التي تعلو كالزبد بين الفترة والاُخرى بأدوات وآليات مختلفة بتناسب الزمان والمكان ، والتي آخرها وليس نهاية مطافها : تلك الرسوم المسيئة إلى رحمة الله للعالمين النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، والتطاول على حرمة القرآن الكريم بالتجاسر على محتواه المبارك ومضامينه المقدّسة ، المنشورة بذريعة حرية البيان والقلم المعهودة ، ذات الصيت السيّئ.