هو (رحمه الله) ذلك الطفل الرضيع على صدره ، متوكّلاً على الله تعالى في جميع أمره ، ودخل تحت سلّة كبيرة كانت هناك من جملة ضروريات البيت ، فلمّا صعدوا إلى تلك الزاوية ، وما رأوا فيها غير حزمة من الحطب موضوعة في ناحية منها ، وكان قد أعمى الله أبصارهم عن مشاهدة تلك السلّة ، تخيّلوا أنّ جناب السيّد لعلّه اختفى بين الأحطاب والأخشاب ، فأخذوها واحداً بعد واحد ، ووضعوها بأيديهم فوق تلك السلّة ، إلى أن نفدت ، ويئس الذين كفروا من دينهم ، فانقلبوا خائبين وخاسرين ، وخرج السيّد المرحوم لنعمة الله من الشاكرين ، وفي عصمة الله من الحائرين ، وأ نّه كيف سكن ذلك الطفل من الفزع والأنين ، وأخمد منه التنفّس والحنين كما يخمد الجنين ، إلى أن جعل الأمر الخارق للعادة عبرة للناظرين وعظة للفاكرين (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ).
ثم إنّ اُولئك الفجرة الفسقة الملاعين لمّا فعلوا ما فعلوا ، وقتلوا ما قتلوا ، ونهبوا من المؤمنين والمسلمين ، وهدموا أركان الدين المتين ، وهتكوا حرمة ابن بنت رسول الله الأمين ، بحيث ربطوا الدوابّ الكثيرة القذرة في الصحن المطهّر ، وأخذوا جميع ما كان من النفائس في الحرم المنوّر ، بل قلعوا ضريحه الشريف ، وكسروا صندوقه المنيف ، ووضعوا هاون القهوة فوق رأس الحضرة المقدّسة على وجه التخفيف ، ودقّوها وطبخوها وشربوها ، وسقوها كلّ شقي عتريف وفاسق غير عفيف .. خافوا على أنفسهم الخبيثة من سوء عاقبة الأطوار ، ومن هجوم رجال