مضاميرها ضرورةً لا غنى عنها أبدا ، فالبنيويّة ـ مثالاً ـ ثم المُحدَثة منها والحداثويّة والقصديّة والتداوليّة والسيميائيّة والتطوّر الدلاليّ و ... لا غنى عنها اليوم في أروقة العلوم الطبيعيّة وكذا العكس. وممّا يزيد الأمر أهمّيّةً وخطورةً أن صار العالم أشبه بقرية ونقطة كونيّة واحدة بفعل التطوّر التقنيّ الهائل.
وكما كانت هي منذ البدء ، فمحوريّة الإنسان باقيةٌ بلا أدنى تغيير حتى قيام الساعة ; إنّها إرادة السماء الثابتة ، فلن نجد لها تبدّلاً وتغييرا .. ولا ريب أنّ نتاج الإنسان عبارةٌ عن قول وفعل وتقرير ، ونعبّر عنه هنا اختصاراً بـ : «الخطاب» ، كما نعبّر عن قراءة القارئ وسمعه ونظره وتلقّيه عموماً بـ : «القراءة».
استناداً إلى كون «التبادر» علامة من علامات الحقيقة ، وأنّ الظاهر حجّة ، واعتماداً على الأُسس الانثروبو سوسيولوجيّة التي تنتظم بها شبكة الحياة ، وإشراكاً للعرف في معترك الأطراف ، وأخذاً بالمنهج المعرفي في نحويّة علاقة «الخطاب» بـ : «القراءة» .. التي تُعدّ كلّها أداةً ووسيلةً من أدوات ووسائل العقل الثاني ، الوليد القادم من رحم العلوم الإنسانيّة الآخذة حظّاً وافراً من التطوّر منذ بدايات القرن العشرين ولا زالت منطلقةً إلى الأمام بازدهارها وشموخها ..
استناداً إلى كلّ ذلك ، فلابدّ حينئذ من وجود التناغم بين الخطاب والقراءة ، التناغم الذي يعني صحّة انتقال ذهن قارئ الخطاب من اللفظ