أن يأخذ من المال شيئا قرضا ، فإذا أيسر قضى؟
فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك.
فقال أبو ذر : يابن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا!
فقال عثمان : كثر أذاك لي وتولّعك بأصحابي ، الحق بالشام فأخرجه إليها.
يقول ابن أبي الحديد : «واعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السير وعلماء الأخبار والنقل ، أن عثمان نفي أبا ذر أولا إلى الشام ، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نطير ما كان يعمل بالشام (١).
٥ ـ أبو ذر في بلاد الشام ثانية [٢٩ ـ ٣٠ ه / ٦٤٩ ـ ٦٥٠ م]
يروي كميل بن زياد ، فيقول : «كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام ، وكنت بها في العام المقبل حين سيره إلى الربذة» (٢).
من هذه الرواية نعلم أن نفي أبي ذر إلى الشام قد استغرق سنة واحدة ، من سنة ٢٩ ه إلى سنة ٣٠ ه.
وفي هذه السنة الدهر. تزداد لهجة أبي ذر حدّة تجاه معاوية وأتباعه ، فهو يعرف إسلام معاوية ، وإسلام أبيه وأمّه من قبل. فكان يركّز على الانحراف السائد ، واستئثار الولاة وعلى رأسهم معاوية بالفيء ، وإطفائهم للسنّة المحمديّة ، وإحياء البدعة.
فكان يقف على باب معاوية كل يوم ويتلو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٦.
(٢) الغدير : ج ٨ ، ص ٤١٥.