ويقول الأصفهاني : «فوصل إلى صور تاسع شهر رمضان يوم الجمعة بالمحافل المحتفلة ، والجموع المجتمعة ، فنزل بعيدا من سورها ... فمكث أياما حتّى تواصل المدد ، وتكامل العدد ، واستحضر آلات الحصار ، واستكثر من المجانيق الصغار والكبار ... ووصل إليه في تلك الأيام من قوى به ظهر الإسلام ، ولده الملك الظاهر غياث الدين غازي ، ورأى نصب خيمته وراء خيمة أبيه المنصوبة ، وجدّ في استرجاع مدينة الإسلام المغصوبة» (١).
وأحضر صلاح الدين الأسطول من عكا لمحاربة الصليبيين في صور ، وكانت هذه السفن تمنع سفن الإفرنج من الخروج لقتال المسلمين ، وتمكّن المسلمون من القرب من صور ، وقاتلوا برّا وبحرا حتّى كادوا ينتصرون ، لكن ماذا حدث لسفنهم؟. يقول ابن الأثير : «فجاءت الأقدار بما لم يكن في الحساب ، وذلك أن خمس قطع من شواني (٢) المسلمين باتت في بعض تلك الليالي ، مقابل ميناء صور ، ليمنعوا من الخروج منه والدخول إليه ، فباتوا ليلتهم يحرسون ، وكان مقدمهم عبد السلام المغربي الموصوف بالحذق في صناعته وشجاعته ، فلمّا كان وقت السحر أمنوا فناموا فما شعروا إلّا بشواني الفرنج قد نازلتهم وضايقتهم فأوقعت بهم» (٣).
٦ ـ فتح هونين [٥٨٣ ه / ١١٨٧ م]
عندما سقطت تبنين بأيدي صلاح الدين امتنع من بهونين من تسليمها ، فسيّر عسكرا لمحاصرتها ، وتمكّنوا من ذلك ، ومنعوا حمل الميرة إليها ،
__________________
(١) الفتح القسي : ص ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥. السلوك : ج ١ ، ص ٩٧.
(٢) شواني : سفن.
(٣) الكامل : ج ٧ ، ص ٣٣٩.