تقديم : بقلم السيد حسين شرف الدين أبي رائد
إنّه الأمثولة
كنت أصغي إليه وهو يتكلّم عمّا بذله من جهد لجمع معلومات حول جبل عامل ، يتكلم وبين يديه إضمامة أوراق يحتضنها بكل ما ولّد عنده الجهد من حنان.
لا أدري سبب أن تقتحم ذهني الكلمة العامية عندنا توصيفا لطلب شيء تحت التراب ، وأن تخطر عبارة (بحش) بدلا من (بحث) ، وكأن (البحبشة) هي أوقع في الحسّ ، مع أنها من استعمالات الصخر التي هجرناها من زمن. المهم أنني كنت أتخيله (علي داود جابر) يبحش في بطون الكتب القديمة ، بما انهال عليها من الغبار وتراكم ، ليخرج بمعلومة عن جبل عامل تاريخية وسيرة وأدبا وسياسة ، ثم وضع بين يديّ ما استخرج من مناجمه الثّرة ، فكانت بالنسبة لي ، كما هي الأرض العطشى يرادوها بليل المطر.
علي داود جابر هو الصورة العاملية النبيلة التي إن وقفت على الطلول ، فليس ليندب الخوالي من الأيام والغوابر من الأمجاد ، بل ليتحفّز التماسا