فيسألهم عن أنسابهم وسيرتهم ورحلاتهم ومؤلفاتهم وأشعارهم ، ويدوّن ذلك في أوراق عنده ، فألّف كتابا سمّاه «تاريخ صور» ، لكنه لم يتمّه (١) ، إذ خرج من صور بعد أن أخذت تتعرّض للحصار الصليبي ، واستوطن دمشق في أواخر عمره ، مصطحبا زوجه ومسوّدة كتابه ، وفي دمشق ولدت له تقية سنة ٥٠٥ ه ، وأثناء تواجده الأخير بدمشق التقى بمؤرّخها ابن عساكر ، فأطلعه غيث على «تاريخ صور» ومشروع تاريخ دمشق.
وبعد وفاة غيث في ٢٠ صفر سنة ٥٠٩ بدمشق (٢) ، نقل ابن عساكر مادتي الكتابين ، وأفرغهما في كتابه الكبير «تاريخ مدينة دمشق» وبالتالي سلم أغلب ما في الكتابين من الزوال ، وأسدى لنا ابن عساكر خدمة جليلة في معرفة جزء من تاريخ هذه المدينة وأعلامها ومن نزل بها.
٣ ـ شعرها :
تركت تقية الصورية أشعارا تعدّ من محاسن الشعر العربي ، وسأكتفي بإيراد ثلاثة أنواع من شعرها.
أ ـ الحنين إلى الوطن
قالت في الحنين إلى وطنها :
هاجت وساوس شوقي نحو أوطاني |
|
وبان عني اصطباري بعد سلواني |
وبتّ أرعى السّها والليل معتكر |
|
والدمع منسجم من سحب أجفاني |
وعاتبت مقلتي طيفا ألمّ بها |
|
أهكذا فعل خلان بخلّاني |
__________________
(١) تاريخ دمشق : ج ٤٨ ، ص ١٢٤ ، تاريخ الإسلام (٥٠١ ـ ٥٢٠) ، ص ٢٢٥.
(٢) تاريخ دمشق : ج ٤٨ ، ص ١٢٥ ، اللباب : ج ١ ، ص ٤٤ ، تاريخ الإسلام (٥٠١ ـ ٥٢٠) ص ٢٢٥ ، ٢٢٦ ويقول : إنّه دفن بالباب الصغير ، شذرات الذهب : ج ٤ ، ص ٢٤.