يقول ابن واصل : «وكان الملك العادل قد جهّز فخر الدين جهاركس إلى بانياس لحصرها وأخذها من حسام الدين بشارة. وإنّما فعل ذلك الملك العادل. ذلك استصلاحا لجهاركس إذ هو مقدّم الصلاحية ، وغضبا على بشارة لكونه لمّا توجّه إلى مصر خلف الملك الأفضل ، طلبه ليحلف له ويكون معه فامتنع. فنازل جهاركس بشارة ، وأعانه الملك المعظّم على ذلك حتّى تسلّمها» (١) ، وبعد سنة على إخراجه توفّى الأمير بشارة في السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة ٥٩٨ ه كما ذكر أبو شامة (٢) إلا أن الذهبي يعتبر أنّه توفى في بانياس وليس خارجها (٣).
ممّا تقدّم نعلم بأن حكم هذا الأمير العاملي ، كان يشمل معظم مناطق جبل عامل ـ يومئذ ـ من عكا إلى زبقين إلى هونين وتبنين وبانياس وما حولها من البلاد والدساكر ، فقد وحد كلمتها ، وجعل لها حكما شبه مستقلّ ، فأخذت اسمه «بلاد بشارة» حتّى كاد ينسخ اسمها الأول «جبل عاملة». ولا تزال المناطق الجنوبية من هذا الجبل تعرف بهذا الاسم ، وتفتخر به.
الحادي عشر : صلاح الدين الأيوبي وحربه للصليبيين
بدأت المعارك بين صلاح الدين والصليبيين سنة ٥٨٣ ه ، وكان الأصفهاني المؤرّخ المتوفّى سنة ٥٩٧ ه من الملازمين له في معاركه ،
__________________
(١) مفرج الكروب : ج ٣ ، ص ١١٧. السلوك : ج ١ ص ١٥٤ ، تاريخ ابن الفرات : م ٤ ج ٢ ص ١٨٢ ، ١٩٣.
(٢) الذيل على الروضتين : ص ٣١.
(٣) تاريخ الإسلام (٥٩١ ـ ٦٠٠) ، ص ٣٤١ ، وقد تحدّثت عن حسام الدين بشارة قبل فتوحات صلاح الدين ليتعرّف القارىء على مساهمة العامليين الأساسية في هذه الفتوحات.