٣ ـ مقاومة شيعة جزّين للصليبيين [٦١٤ ه / ١٢١٧ م]
يقول أبو شامة في حوادث سنة ٦١٤ ه : «ولمّا انفصل الفرنج عن الطور قصد ابن أخت الهنكر جبل صيدا وقال : لا بدّ لي من أهل هذا الجبل ، فنهاه صاحب صيدا وقال : هؤلاء رماة وبلدهم وعر فلم يقبل وصعد في خمسمائة من أبطال الفرنج إلى جزيرة (١) ضيعة المياذنة (٢) قريبا من مسفرة (٣) ، فأخلاها أهلها ، وجاء الفرنج فنزلوا بها (٤) وترجّلوا عن خيولهم ليستريحوا فتحدّرت عليهم المياذنة من الجبال. فأخذوا خيولهم وقتلوا عامّتهم ، وأسروا ابن أخت الهنكر فهرب من بقي منهم نحو صيدا ، وكان معهم رجل يقال له الجاسوس من المسلمين قد أسروه فقال لهم : أنا أعرف إلى صيدا طريقا سهلا أوصلكم إليه ، فقالوا : إنّ فعلت أغنيناك ، فسلك بهم أودية وعرة والمسلمون خلفهم يقتلون ويأسرون. ففهموا أن الجاسوس غرّهم فقتلوه ، ولم يفلت إلى صيدا سوى ثلاثة أنفس بعد أن كانوا خمسمائة وجاء إلى دمشق بالأسارى وكان يوما عظيما» (٥).
__________________
(١) جزيرة : تحريف جزّين.
(٢) المياذنة : تحريف المتاولة ، وربما أطلقت هذه اللفظة على أهل جزّين وقتها لكثرة المساجد فيها وقد تحدّث أبو شقرا عن المنارة العالية التي كانت إلى جانب مسجدها. راجع جبل عامل بين : ص ١٢٧. وبقي اسم المآذنة يطلق على أهل جزين في عصر المماليك وكانت شهادتهم مقبولة عندهم ، يتحدث سامي مكارم عنهم فيقول : «وقد تكون تسميتهم بالميادنة عائدة إلى قرية الميدان القريبة من صيدا كما يرجح الأب لويس شيخو ، والظاهر أن اهتمام صالح بن يحيى بذكر الميادنة أولاء شهودا على المحضر ناتج على الأرجح عن كونهم مثاغرين ضد الفرنجة ومعروفين عند المماليك» راجع لبنان في عهد الأمراء التنوخيين : ص ١٠٤.
(٣) مسفرة : تحريف مشغرة.
(٤) نزلوا في وادي العواميد.
(٥) الذيل على الروضتين : ص ١٠٣ ، وذكر هذه الواقعة الذهبي في تاريخ الإسلام (٦١١ ـ ٦٢٠) ، ص ١٨ ، والدويهي في تاريخ الأزمنة : ص ٢٠٦ ، ٢٠٧. ولكنه يذكرها في حوادث سنة ٦١٣.