٢ ـ انتماؤه المذهبي
تحدّثت المصادر المعاصرة لحسام الدين العاملي بإسهاب عن سيرة جميع الأمراء الذين كوّنوا جيش صلاح الدين الأيوبي ، والذين كانوا في أغلبيتهم من الأكراد والأتراك ، كسنقر ، وإياز ، وجهاركس ، وسياروخ وغيرهم. إلا أنها لم تضع لبشارة العاملي ترجمة مستقلّة شأن غيره من الأمراء ، مع أنه كان المقدّم عليهم جميعا في جهاده ومواقفه ، هذا التجاهل لسيرته يخفي في ثناياه العصبية المذهبية التي تمكّنت وتحكّمت في عقول هؤلاء ، ولم يذكروا من سيرته إلّا ما لا يمكن إخفاؤه ، أو ما يمتّ بصلة إلى سير الأحداث والمعارك ، وما رووه عن بسالة وشجاعة سلطانهم الأكبر صلاح الدين.
ولعلّ انتماءه إلى قبيلة عاملة يكشف لنا حقيقة ما تحدّثنا عنه سابقا ، هذه القبيلة التي كانت بأغلبيتها الساحقة ومنذ الفتح الإسلامي على مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، كما صرّح به غالبية من زار هذا الجبل أو تحدّث عنه. وبشارة العاملي من هذه القبيلة ، وأولاده وأحفاده حكموها طيلة ثلاثة قرون ، وكانت علاقتهم مميّزة بعلماء الشيعة في جبل عامل إلى درجة أن الشيخ إبراهيم الكفعمي قد أجاب على بيتين من الشعر ، أرسل بهما أحد الأعيان للأمير نجم الدين بن بشارة العاملي فقال :
وافى كتابك بالسعادة مخبرا |
|
ففضته فإذا السماع عيان |
لا زلت مشتملا بضافي بردها |
|
ما سار في أعلى العلى كيوان (١) |
ومن يلاحظ حال العامليين وازدهار علومهم في هذه الحقبة التي ساد فيها بنو بشارة ، ثم يلاحظ تقلّص مدارسهم ، وتشرّد علمائهم بعد ذلك.
__________________
(١) أعيان الشيعة : ج ٢ ، ص ١٨٩.