٣ ـ سرية أسامة إلى آبل الزيت. ١١ ه / ٦٣٢ م
أ ـ عقد السرية لأسامة
كان مستقبل الإسلام الهم الأكبر عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنه يعتبر أنّ النبوة بداية طريق وأن الإمامة متممة لذلك الطريق ، لذا أكّد على خليفته منذ اليوم الأول للإسلام ، كما ظهر في أحاديث عديدة كحديث الدار والمنزلة والثقلين ثم في غدير خم.
وفي شهر صفر سنة ١١ ه ، انشغل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالرغم من مرضه الشديد ـ بتجهيز جيش أسامة بن زيد إلى غزو الروم ، ثم عبأ كبار الصحابة بنفسه ، ولم يستثن إلّا عليا عليهالسلام الخليفة المستقبلي ، ثم دعا أسامة ، وقال له : سرّ إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش ، ثم أمره أن يواطىء آبل الزيت من مشارف الشام بالأردن (١). فطعن من طعن في تأميره أسامة ، حتّى غضب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخرج معصب الرأس ، محموما ألما ، وكان ذلك قبل وفاته بيومين ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيّها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وأيم الله إنّه كان لخليقا بالإمارة ، وإن ابنه من بعده لخليق بها. لكن كان قضاء الله بوفاة أشرف الخلق محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل أن ينطلق الجيش ، فعاد جيش أسامة إلى المدينة ، وإذا بالقوم قد بايعوا أبا بكر خليفة متناسين ما أكّد عليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ب ـ مهاجمة الروم في آبل
بعد أن أصبح أبو بكر خليفة على المسلمين تدخّل البعض من أجل عزل
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٣ ، ص ٥٤ ، ٨٩ ، تاريخ دمشق : ج ١ ، ص ٣٨٥ و ٣٨٦ ، تهذيب تاريخ دمشق : ج ١ ، ص ١١٦ ، معجم البلدان : ج ١ ، ص ٥٠.