الماضية. وكان قد رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في دير بحيرا الراهب ، وكان باسيل قد مضى إلى زيارة بحيرا ، فلمّا قدمت عير قريش وجمال خديجة بنت خويلد وفيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نظر بحيرا إلى القافلة ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في وسطها والسحابة على رأسه تظلّه من حرّ الشمس ، فلمّا تبينه قال : «والله هذه صفة النبي الذي يبعث من تهامة ، ثم انتظروا وإذا بالركب قد نزل ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نزل وحده تحت شجرة يابسة واستلقى إليها فأورقت الشجرة بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا عاين بحيرا ذلك صنع طعاما لقريش واستدعاهم فدخلوا الدير وبقي هو مع الإبل ليرعاها (١) ، فلمّا نظر بحيرا إليهم ولم يره في جملتهم قال : يا معشر قريش هل بقي منكم أحد؟ قالوا : نعم ، بقي فينا من تخلف لحفظ القافلة ورعي الإبل. قال : ما اسم من يرعى الإبل؟ قالوا : محمد بن عبد الله. قال : هل مات أبوه وأمه. قالوا : نعم. قال : هل كفله جدّه وعمّه؟ قالوا : نعم ، قال : يا قريش هو والله سيدكم وبه يعظم في الدنيا مجدكم ، قالوا : من أين علمت ذلك؟ قال : لما أشرفتم عليّ من البرية ، لم يبق صخر ولا مدر إلّا خرّ له ساجدا ... قال الواقدي : فبقي باسيل في حيرة من أمرهم. وكتم سره وعلم أن بحيرا لا يتكلّم إلّا بالحق» (٢).
ه ـ تنصّر قبيلة عاملة
كان الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ ه أوّل من تحدّث عن تنصّر قبيلة عاملة وغيرها من قبائل عرب الشام ، يقول : «هذا مع ما كان في العرب من النصارى الذين يخالفون دين مشركي العرب كل الخلاف. كتغلّب وشيبان ،
__________________
(١) لم يكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خادما لهم ليرعى جمالهم ، وإنّما كان موكلا بالإتّجار لخديجة صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) فتوح الشام : الواقدي ج ٢ ، ص ٣٣.