ويداوونها. فخرج عليهالسلام معهم على ما بهم من الألم والجراح حتّى بلغوا حمراء الأسد» (١) ، فنزلت : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) أي : نالهم الجراح يوم أحد. وهذا صفة للمؤمنين ، أو نصب على المدح ، أو مبتدأ خبره : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) بجملته ، أي : لهم ثواب جزيل. و «من» للبيان ، مثلها في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) (٢). والمقصود من ذكر الوصفين المدح والتعليل لا التقييد ، لأنّ المستجيبين كلّهم متّقون.
(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) يعني : الركب الّذي استقبلهم من عبد قيس أو نعيم بن مسعود الأشجعي. وأطلق عليه الناس لأنّه من جنسهم ، كما يقال : فلان يركب الخيل وماله إلا فرس واحد ، أو لأنّه انضمّ إليه ناس من المدينة وأذاعوا كلامه. (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) يعني : أبا سفيان وأصحابه.
روي أنّه نادى عند انصرافه من أحد : يا محمّد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت. فقال عليهالسلام : إن شاء الله. فلمّا كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكّة حتّى نزل بمرّ (٣) الظهران ، فأنزل الله تعالى الرعب في قلبه ، وبدا له أن يرجع ، فمرّ به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة (٤) ، فشرط لهم حمل بعير من زبيب إن ثبّطوا (٥) المسلمين. وقال صاحب الجامع : «لقي أبو سفيان نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا ، فقال : يا نعيم إنّي وأعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر ، وأنّ هذا عام جدب ، ولا
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم ١ : ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٢) الفتح : ٢٩.
(٣) في هامش الخطّية : «مرّ الظهران اسم موضع يسمّيه أهل مكّة بوادي مرّ. منه».
(٤) في هامش الخطّية : «الميرة : الطعام الذي يؤتى من موضع إلى آخر للبيع أو لأجل العيال. منه».
(٥) ثبّطه عن الأمر : عوّقه وشغله عنه.