بالحواسّ (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ملتجأ إلى الله أو ذاهبا إليه. ويجوز أن يتعلّق الجارّ بـ «أنصاري» مضمّنا معنى الإضافة ، أي : من الّذين يضيفون أنفسهم إلى الله تعالى في نصري ، بأن ينصروني كما ينصرني الله. وقيل : «إلى» هنا بمعنى : مع ، أو في ، أو اللّام.
(قالَ الْحَوارِيُّونَ) حواريّ الرجل صفوته وخاصّته وخالصته ، من الحور وهو البياض الخالص. ويقال للنساء الحضريّات الحواريّات ، لخلوص ألوانهنّ ونظافتهنّ. سمّي به أصحاب عيسى لخلوص نيّتهم ونقاء سريرتهم ، أو لأنّهم كانوا نورانيّين ، عليهم أثر العبادة. قيل : كانوا ملوكا يلبسون البيض ، استنصر بهم عيسى عليهالسلام من اليهود. وقيل : قصّارين يحوّرون الثياب ، أي : يبيّضونها. وقيل : كانوا اثني عشر رجلا قالوا لجوابه : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) أي : أنصار دينه (آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ) كن شاهدا لنا يوم القيامة حين تشهد الرسل لقومهم وعليهم (بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
ثمّ ناجوا ربّهم وقالوا : (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أي : مع الشاهدين بوحدانيّتك ، أو مع الأنبياء الذين يشهدون لأتباعهم ، أو مع أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّهم شهداء على النّاس.
روي : أنّهم اتّبعوا عيسى ، وكانوا إذا جاعوا قالوا : يا روح الله جعنا ، فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا ، فيخرج لكلّ إنسان منهم رغيفين يأكلهما ، وإذا عطشوا قالوا : يا روح الله عطشنا ، فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا ، فيخرج ماء فيشربون. قالوا : يا روح الله من أفضل منّا ، إذا شئنا أطعمتنا ، وإذا شئنا سقيتنا ، وقد آمنّا بك واتّبعناك؟ قال : أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه ، فصاروا يغسلون الثياب بالكراء».
(وَمَكَرُوا) أي : الذين أحسّ عيسى منهم الكفر من اليهود ، بأن وكلّوا عليه