مختلّا (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) أو غير مستطيع للإملاء بنفسه ، لعيّ أو لخرس أو جهل باللغة (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) أي : الّذي يلي أمره ويقوم مقامه ، من قيّم إن كان صبيّا أو مختلّ العقل ، أو وكيل أو مترجم عملا عنه إن كان غير مستطيع.
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) واطلبوا أن يشهد على الدين شاهدان (مِنْ رِجالِكُمْ) من رجال المؤمنين. وهو دليل اشتراط إيمان الشهود ، وإليه ذهب علماؤنا وأكثر العامّة. (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) فإن لم يكن الشهيدان (رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) فليشهد ، أو فليستشهد رجل وامرأتان.
وشهادة النساء مقبولة عندنا في غير رؤية الهلال والطلاق مع الرجال. وهي مقبولة على الانفراد فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه ، مثل العذرة والأمور الباطنة للنساء. وتفصيل ذلك في كتب الفقه ، فليطالع ثمّة.
(مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) لعلمكم بعدالتهم (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) في موضع النصب بأنّه مفعول له. فهذا علّة اعتبار العدد ، أي : لأجل أنّ إحداهما إن ضلّت الشهادة بأن نسيتها (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) والعلّة في الحقيقة التذكير ، ولكن لمّا كان الضلال سببا للتذكير نزّل منزلته ، ومثله قولهم : أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه ، وكأنّه قيل : إرادة أن تذكّر إحداهما الأخرى إن ضلّت. وفيه إشعار بنقصان عقلهنّ ، وقلّة ضبطهنّ.
وقرأ حمزة : إن تضلّ ، على الشرط ، «فتذكّر» بالرفع ، كقوله : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) (١). ويعقوب : فتذكر من الإذكار.
(وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) لأداء الشهادة أو التحمّل. وسمّوا شهداء قبل التحمّل تنزيلا لما يشارف منزلة الواقع. و «ما» مزيدة. (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ) ولا تملّوا من كثرة مدايناتكم أن تكتبوا الدّين أو الحقّ أو الكتاب (صَغِيراً) كان الحقّ
__________________
(١) المائدة : ٩٥.