الأزواج ، فقال : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيّها الرجال (فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) المعتدّات ، ولا تصرّحوا به. والتعريض والتلويح إيهام المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجازا ، كقول السائل : جئتك لأسلّم عليك. والكناية هي الدلالة على الشيء بذكر لوازمه وروادفه ، كقولك : طويل النجاد للطويل ، وكثير الرماد للمضياف.
والخطبة بالكسر والضمّ اسم الحالة ، غير أنّ المضمومة خصّت بالموعظة ، والمكسورة بطلب المرأة. وتعريض خطبتها أن يقول لها : إنّك لجميلة أو صالحة ، أو إنّي أحبّ امرأة صفتها كذا ، ويذكر بعض صفاتها ، ونحو ذلك من الكلام الّذي يوهم أنّه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه. ولا يصرّح بالنكاح ، فلا يقول : إنّي أريد أن أنكحك أو أتزوّجك.
وفي الكشّاف روي ابن المبارك عن عبد الرحمن بن سليمان ، عن خالته قالت : «دخل عليّ أبو جعفر محمد بن عليّ عليهالسلام وأنا في عدّتي ، فقال : قد علمت قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحقّ جدّي عليّ وقدمي في الإسلام ، فقلت : غفر الله لك أتخطبني في عدّتي وأنت يؤخذ عنك؟! فقال : أو قد فعلت؟! وإنّما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وموضعي ، قد دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أمّ سلمة ، وكانت عند ابن عمّها أبي سلمة فتوفّي عنها ، فلم يزل يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده ، حتى أثّر الحصير في يده من شدّة تحامله عليها ، فما كانت تلك خطبة (١)!!» (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم ، فلم تذكروه تصريحا ولا تعريضا (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ) لا محالة ، لرغبتكم فيهنّ ، وعدم صبركم على السكوت عنهنّ ، وعن الرغبة فيهنّ ، خوفا منكم أن يسبقكم غيركم إليهنّ ، فأباح لكم ذلك. (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) استدراك عن محذوف ، دلّ عليه
__________________
(١) الكشّاف ١ : ٢٨٢.