مواقيت الحجّ ، وهذا أيضا من أفعالهم في الحجّ ، ذكره للاستطراد ، أو أنّهم لمّا سألوا عمّا لا يعنيهم ، ولا يتعلّق بعلم النبوّة ، وتركوا السؤال عمّا يعنيهم ويختصّ بعلم النبوّة ، عقّب بذكر جواب ما سألوه تنبيها على أنّ اللائق بهم أن يسألوا أمثال ذلك ، ويهتمّوا بالعلم بها.
وكذا قال في المجمع : «قيل : إنّه سبحانه لمّا بيّن أنّ أمورنا مقدّرة بأوقات قرن به قوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) ، أي : فكما أنّ أموركم مقدّرة بأوقات ، فلتكن أفعالكم جارية على الاستقامة ، باتّباع ما أمر الله به ، والانتهاء عمّا نهى عنه ، لأنّ اتّباع ما أمر به خير من اتّباع ما لم يأمر به» (١).
(وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) إذ ليس في العدول برّ ، وباشروا الأمور من وجوهها الّتي يجب أن تباشر عليها ، أيّ الأمور كان. ويحتمل أن يكون هذا تمثيلا لتعكيسهم في سؤالهم ، وأنّ مثلهم فيه كمثل من يترك باب البيت ويدخله من ظهره. والمعنى : ليس البرّ وما ينبغي أن تكونوا عليه ، بأن تعكسوا في مسائلكم ، ولكنّ البرّ برّ من اتّقى ذلك وتجنّبه ، ولم يجسر على مثله.
ثمّ قال : وأتوا البيوت من أبوابها ، أي : وباشروا الأمور من وجوهها الّتي يجب أن تباشر عليها ، ولا تعكسوا. والمراد وجوب توطين النفوس وربط القلوب على أنّ جميع أفعال الله حكمة وصواب ، من غير اختلاج شبهة ولا اعتراض شكّ في ذلك حتى لا يسأل عنه.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في تغيير أحكامه والاعتراض على أفعاله (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تظفروا بالهدى والبرّ.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٢٨٤.