خبر محذوف ، تقديره : ذلكم شهر رمضان ، أو بدل من الصيام على حذف المضاف ، أي : كتب عليكم صيام شهر رمضان. ورمضان مصدر «رمض» إذا احترق ، من الرمضاء ، فأضيف إليه الشهر وجعل علما ، كما قيل : ابن داية للغراب ، بإضافة الابن إلى داية (١) البعير ، لكثرة وقوعه عليها إذا دبرت (٢). والدأية الموضع الّذي يقع عليه القتب (٣). ومنع الصرف للتعريف والألف والنون. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من صام رمضان ، فعلى حذف المضاف لا من الالتباس. وإنّما سمّي به لارتماضهم ، أي : احتراقهم فيه من حرّ الجوع والعطش ، أو لارتماض الذنوب فيه.
(الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أي : ابتدأ فيه إنزاله ، وكان ذلك في ليلة القدر. وقيل : أنزل فيه جملة إلى السماء الدنيا ، ثمّ نزل إلى الأرض نجوما على حسب صلاح العباد.
وروى الثعلبي بإسناده ، عن أبي ذرّ الغفاري ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «أنزلت صحف إبراهيم أوّل ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لستّ ، وفي رواية أخرى لثلاث مضين من شهر رمضان ، وأنزل إنجيل عيسى عليهالسلام لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وأنزل زبور داود لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان ، وأنزل الفرقان على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لأربع وعشرين من شهر رمضان». وهذا بعينه رواه العيّاشي (٤) عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : معناه : أنزل في شأنه القرآن ، وهو فرض صومه وإيجابه على الخلق.
__________________
(١) الدّاية : فقار الكاهل في مجتمع ما بين الكتفين من كاهل البعير خاصّة. انظر (لسان العرب ١٤ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨)
(٢) الدّبرة : قرحة الدابّة والبعير ، أو الجرح الذي يكون في ظهر الدّابّة.
(٣) القتب : الرّحل.
(٤) تفسير العيّاشي ١ : ٨٠ ح ١٨٤.