(وَاسْمَعُوا) وأحسنوا الاستماع بآذان واعية وأذهان حاضرة ، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة وطلب المراعاة. أو واسمعوا سماع قبول ، لا كسماع اليهود حيث قالوا : سمعنا وعصينا. أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا تعودوا إلى ما نهيتم عنه.
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) يعني : للّذين سبّوا رسول الله عذاب مؤلم موجع.
روي أنّ طائفة من اليهود كانوا يظهرون مودّة المؤمنين ، ويزعمون أنّهم يودّون لهم الخير ، فنزلت : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ) أي : ولا يودّ الّذين كفروا من المشركين. والودّ محبّة الشيء مع تمنّيه ، ولذلك يستعمل في كلّ منهما. و «من» للتبيين ، لأنّ الّذين كفروا جنس تحته نوعان : أهل الكتاب والمشركون ، كقوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) (١) (أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) مفعول «يودّ». و «من» الأولى مزيدة للاستغراق ، والثانية للابتداء. وفسّر الخير بالوحي ، وكذلك الرحمة ، كقوله : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) (٢).
والمعنى : أنّ اليهود والمشركين يرون أنفسهم أحقّ بالوحي ، فيحسدونكم به ، وما يحبّون أن ينزّل عليكم شيء من الوحي ، وبالعلم والنصرة. ويحتمل أن يكون المراد به ما يعمّ ذلك. والأوّل مرويّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام.
(وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) بالنبوّة (مَنْ يَشاءُ) ولا يشاء إلّا ما تقتضيه الحكمة فيستنبئه ويعلّمه الحكمة وينصره.
(وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) إشعار بأن إيتاء النبوّة من الفضل العظيم ، كقوله :
__________________
(١) البيّنة : ١.
(٢) الزخرف : ٣٢.