عمرو ويعقوب بالتخفيف. (مِنْ فَضْلِهِ) يعني : الوحي والنبوّة (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) على من اختاره للرسالة ، كما تقتضيه حكمته الباهرة.
(فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) للكفر والحسد على من هو أفضل الخلق. وقيل : لكفرهم بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد عيسى ، أو بعد قولهم : عزير ابن الله ، وقولهم : يد الله مغلولة ، أو لأجل تضييعهم أحكام التوراة ونعوت خير الأنبياء ، وغير ذلك من أنواع كفرهم ، فصاروا أحقّاء لغضب مترادف متعاقب.
(وَلِلْكافِرِينَ) وللجاحدين نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (عَذابٌ مُهِينٌ) يريد به إذلالهم ، بخلاف عذاب العاصي ، فإنّه طهرة لذنوبهم ، وتمحيص وتكفير لها ، فمن ينتقل من عذاب النار إلى الجنّة من عصاة المؤمنين لا يكون عذابه مهينا.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) يعمّ الكتب المنزلة بأسرها (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) أي : بالتوراة (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) يجحدون بما سواه ، حال من الضمير في «قالوا» أي : قالوا ذلك والحال أنّهم يكفرون بما وراء التوراة. و «وراء» في الأصل مصدر جعل ظرفا ، ويضاف إلى الفاعل ، فيراد ما يتوارى به وهو خلفه ، وإلى المفعول فيراد به ما يواريه وهو قدّامه ، ولذلك عدّ من الأضداد.
(وَهُوَ الْحَقُ) والضمير لما وراءه ، والمراد به القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) من التوراة ، لأنّ تصديق محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما أنزل معه من القرآن مكتوب عندهم في التوراة. وهو حال مؤكّدة تتضمّن ردّ مقالتهم بأنّهم لمّا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها.
ثمّ ردّ الله تعالى عليهم قولهم : نؤمن بما أنزل علينا فقال : (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) اعتراضا عليهم بقتل الأنبياء مع ادّعاء الإيمان بالتوراة ، والتوراة لا تسوّغه. وإنّما أسند القتل إليهم لأنّه فعل آبائهم ، وأنّهم راضون به عازمون عليه كما مرّ غير مرّة. وقرأ نافع وحده : أنبياء الله مهموزا في كلّ القرآن ،