مستمسك العروة الوثقى - ج ٨

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٨

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٤

وأما إن كان عازماً على القضاء بعد ارتفاع العذر ، فاتفق العذر عند الضيق ، فلا يبعد كفاية القضاء [١]. لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضاً. ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره.

فتحصل مما ذكر في هذه المسألة وسابقتها : أن تأخير القضاء إلى رمضان آخر إما يوجب الكفارة فقط ، وهي الصورة الأولى المذكورة في المسألة السابقة ، وإما يوجب القضاء فقط‌

______________________________________________________

ولم يذكرها في كتاب الصيام ولا في غيرها من كتبه ـ وشيخنا أبو جعفر ومن تابعهما ، وقلد كتبهما ، ويتعلق بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت حجة على ما شرحناه ».

ورد عليه جماعة ممن تأخر عنه : بأن رواه الفدية فضلاء السلف ، كزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وأبي الصباح الكناني ، وأبي بصير ، وعبد الله ابن سنان. وليس لروايتهم معارض إلا ما يحتمل رده الى ذلك. والقول بالفدية لا يختص بالشيخين ، فقد ذهب إليها ابنا بابويه وابن أبي عقيل. وكيف كان فيظهر وجوب الكفارة في الفروض المذكورة مما سيأتي من النصوص في العازم على القضاء.

وأما مرسل سعد بن سعد عن رجل عن أبي الحسن (ع) : « عن رجل يكون مريضاً في شهر رمضان ثمَّ يصح بعد ذلك ، فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ، ما عليه في ذلك؟ قال (ع) : أحب له تعجيل الصيام ، فان كان أخره فليس عليه شي‌ء » (١) فساقط بالضعف ، والهجر.

[١] كما هو المشهور ، ولا سيما بين المتأخرين كما قيل. لصحيح محمد

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٧.

٥٠١

وهي بقية الصور المذكورة فيها ، وإما يوجب الجمع بينهما ، وهي الصور المذكورة في هذه المسألة. نعم الأحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضاً كما عرفت.

______________________________________________________

ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) قال : « سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر. فقالا (ع) : إن كان برئ ثمَّ توانى قبل أن يدركه الرمضان الآخر صام الذي أدركه ، وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين ، وعليه قضاؤه. وان كان لم يزل مريضاً .. » (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « قال (ع) : إذا مرض الرجل من رمضان الى رمضان ثمَّ صح فإنما عليه لكل يوم أفطره فدية طعام ، هو مد لكل مسكين. قال : وكذلك أيضاً في كفارة اليمين وكفارة الظهار مداً مداً. وإن صح بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام ، فان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام جميعاً ، لكل يوم مد ، إذا فرغ من ذلك الرمضان » (٢) ‌وخبره الآخر المروي عن تفسير العياشي ، قال (ع) فيه : « فان صح فيما بين الرمضانين ، فتوانى أن يقضيه حتى جاء الرمضان الآخر ، فان عليه الصوم والصدقة جميعاً ، يقضي الصوم ويتصدق من أجل أنه ضيع ذلك الصيام » (٣) ومصحح الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) ـ في حديث طويل ـ قال (ع) : « فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء للتضييع ، والصوم لاستطاعته » (٤) فان التواني والتهاون والتضييع ـ التي جعلت دخيلة في وجوب الكفارة ـ غير صادقة مع العزم على القضاء.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١.

(٤) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٨.

٥٠٢

______________________________________________________

ومقتضى مفهوم الشرط أو التعليل أو مفهومهما معاً : انتفاء الكفارة بانتفائها الحاصل بالعزم على القضاء. وبه يقيد إطلاق ما دل على وجوب الكفارة بمجرد ترك الصوم مع التمكن منه فيما بين الرمضانين ، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) ـ في حديث ـ قال (ع) : « فان كان صح فيما بينهما ، ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا ، ويتصدق عن الأول » (١).

وفيه : أن الظاهر من العناوين المذكورة مجرد ترك القضاء وعدم المبادرة إليه في زمان يمكن فيه ، كما يشهد له مقابلته في رواية ابن مسلم بقوله (ع) : « وإن كان لم يزل مريضاً » ، وعدم التعرض للقسم الثاني المقابل للتواني من قسمي الصحة بين الرمضانين ، مع كثرة التفصيل في النصوص المذكورة في الباب وعدم السؤال عنه مع كونه الغالب. وقوله في مصحح الفضل : « فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء للتضييع » الظاهر في أن عدم الصوم حال الإفاقة هو التضييع.

ومن الغريب ما عن الكاشاني : من دعوى ظهور خبر أبي بصير المتقدم في الأقسام الثلاثة ، بحمل قوله (ع) : « فان صح بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام » على معنى : فان صح بين الرمضانين فلم يقض في أيام صحته ، مع عدم تهاونه فيه ، فإنما عليه أن يقضي الصيام بعد رمضان الثاني ، فيكون متضمناً لحكم غير المتهاون من وجوب القضاء لا غير ، وأن قوله (ع) : « فان تهاون » متعرض لحكم المتهاون ـ من وجوب القضاء والكفارة ـ ويكون صدره متعرضاً لحكم مستمر المرض من وجوب الكفارة لا غير

فان ما ذكره أولا تكلف خلاف الظاهر ، بل هو كالصريح في أن المراد منه أنه إن صح بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام حينئذ ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٢.

٥٠٣

( مسألة ١٥ ) : إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين [١] ـ يعني : الرمضان الثالث ـ وجبت كفارة للأولى ، وكفارة أخرى للثانية [٢] ، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر إلى آخرها ثمَّ برئ ، وإذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضاً ، ويقضي للرابعة إذا استمر إلى آخرها ، أي : الرمضان‌

______________________________________________________

فان تهاون ولم يقض فعليه القضاء والكفارة. ويشهد به : الضمير المجرور بالباء في قوله (ع) : « تهاون به » ، فإنه لا مجال للتأمل في رجوعه الى قضاء الصيام ، فلو كان المراد القضاء بعد رمضان الثاني كان المراد : فان تهاون بالقضاء بعد رمضان الثاني ، وهو كما ترى.

ومثلها : دعواه تعرض خبر الكناني ـ المتقدم في المسألة السابقة ـ للأقسام الثلاثة أيضاً ، بأن يكون صدره متعرضاً لصورة التهاون ، وقوله (ع) : « فان كان مريضاً فيما بين .. » متعرضاً لصورة عدم التهاون ، وقوله (ع) : « وإن تتابع المرض » متعرضاً لصورة استمرار المرض. فان قوله (ع) : « فان كان مريضاً فيما بين ذلك .. » ظاهر جداً في استمرار المرض الى رمضان قابل ، وصدره ظاهر فيمن صح بين الرمضانين. وقد عرفت أنه لا بد من طرحه لمعارضته بما سبق.

ومثل هذه التكلفات لا تصلح لتأسيس حكم شرعي. ومجرد الشهرة لا تصلح قرينة صارفة للكلام عن ظاهره الى غيره ، وان كان ظاهر الجواهر ذلك. فاذاً القول بوجوب القضاء والفدية على العازم على القضاء ـ كما عن ظاهر الصدوقين ، وصريح المعتبر والشهيدين وغيرهم ـ متعين. فلاحظ.

[١] كما يستفاد من مصحح الفضل (١).

[٢] لإطلاق الأدلة. وخصوص موثق سماعة المتقدم في المسألة السابقة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٨.

٥٠٤

الرابع وأما إذا أخر قضاء السنة الأولى إلى سنين عديدة فلا تتكرر الكفارة بتكررها [١] ، بل تكفيه كفارة واحدة.

( مسألة ١٦ ) : يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة ـ من رمضان واحد أو أزيد ـ لفقير واحد [٢] ، فلا يجب إعطاء كل فقير مداً واحداً ليوم واحد.

( مسألة ١٧ ) : لا تجب كفارة العبد على سيده [٣] ، من غير فرق بين كفارة التأخير ، وكفارة الإفطار. ففي الأولى إن كان له مال وأذن له السيد [٤] أعطى من ماله ، وإلا استغفر بدلا عنها. وفي كفارة الإفطار يجب عليه اختيار صوم‌

______________________________________________________

ونحوه صدر خبر أبي بصير المتقدم المروي عن تفسير العياشي. وعن الصدوقين : أنه لو استمر المرض رمضانين وجب الفداء للأول والقضاء للثاني. وليس له دليل ظاهر. وحمل كلامهما على ما إذا صح بعد الرمضان الثاني ـ كما هو مضمون رواية ابن جعفر (ع) (١) بل عن الحلي الجزم بذلك. والأمر سهل.

[١] بلا خلاف أجده فيه إلا من الفاضل في محكي التذكرة ـ كذا في الجواهر ـ وحكي أيضاً عن المبسوط. ودليله غير ظاهر. وقياس السنة الثانية على الأولى مما يجل مقامهما الأقدس عن العمل به.

[٢] لإطلاق الأدلة.

[٣] للأصل ، وليست هي من النفقة الواجبة عليه ، كما لعله ظاهر.

[٤] لإطلاق أدلة الحجر. إلا أن يقال : إنها مختصة بغير الواجب التعييني ، ولذا ليس له المنع عن الصلاة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٩.

٥٠٥

شهرين مع عدم المال والاذن من السيد ، وإن عجز فصوم ثمانية عشر يوماً ، وإن عجز فالاستغفار.

( مسألة ١٨ ) : الأحوط عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع التمكن عمداً [١] ، وإن كان لا دليل على حرمته.

______________________________________________________

[١] المصرح به في كلام جماعة : عدم جواز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني ، منهم الفاضلان والشهيد ، ويظهر من كلام غير واحد منهم : أنه من المسلمات ، وفي محكي غنائم القمي (ره) : الظاهر عدم الخلاف فيه ودليله غير ظاهر (١).

نعم قد يستفاد مما دل على وجوب الفدية إذا صح بين الرمضانين فلم يقض. أو من التعبير عن تركه بالتهاون ، والتواني ، والتضييع. أو من قوله (ع) في رواية أبي بصير المتقدمة : « فإن صح بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام ، فان تهاون .. » (٢) بناء على ظهوره في إرادة أن عليه أن يقضي الصيام بين الرمضانين ، ومصحح الفضل المروي عن العيون والعلل « قال (ع) : إن قال : فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان ، فلم يخرج من سفره ، أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر ، وجب عليه الفداء للأول ، وسقط القضاء ، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب القضاء والفداء؟ قيل : لأن ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر. فأما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة كلها وقد غلب الله تعالى عليه. فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه. وكذلك كلما غلب الله تعالى عليه ، مثل المغمى الذي يغمى‌

__________________

(١) قد يظهر من مرسل سعد بن سعد ـ المتقدم في المسألة الرابعة عشرة ـ جواز التأخير. منه ١.

(٢) لاحظ المسألة : ١٤ من هذا الفصل.

٥٠٦

( مسألة ١٩ ) : يجب على ولي الميت قضاء ما فاته من الصوم لعذر [١]

______________________________________________________

عليه في يوم وليلة ، فلا يجب عليه قضاء الصلاة ، كما قال الصادق (ع) : « كلما غلب الله تعالى عليه فهو أعذر له ، لأنه دخل الشهر وهو مريض ، فلم يجب عليه الصوم في شهره ، ولا في سنته ، للمرض الذي كان فيه ، ووجب عليه الفداء .. » (١).

لكن وجوب الفدية أعم من وجوب الفورية. والتعبير بالتواني ، والتهاون ، والتضييع لا يدل على أكثر من الرجحان. فتأمل. وما في خبر أبي بصير غير ظاهر إلا في أنه إذا صح كان عليه القضاء دون الفدية ، فإذا أخره حينئذ كان عليه القضاء مع الفدية ، ولا يدل على أنه إذا صح كان عليه القضاء زمان الصحة تعييناً. لا أقل من إجماله من هذه الجهة ، الموجب لسقوطه عن الدليلية.

وأما مصحح الفضل فدلالته قريبة. واحتمال كون الكلام وارداً مورد الإقناع أو الإلزام للخصم ، لموافقته لمذهبه ، ولا يدل على مطابقته لاعتقاده (ع) خلاف الظاهر جداً ، كما يظهر بأقل تأمل في فقرات الجواب. فالبناء على وجوب المبادرة اعتماداً عليه في محله. ولا سيما مع تأيده بتطبيق مفهوم التضييع فيه وفي غيره ، فان الجمود عليه يقتضي ذلك ، بل بوجوب الفدية فإنه لا يناسب استحباب المفدي. بل استفادة التوقيت للقضاء بما بين الرمضانين من المصحح ـ كما عن المحقق (ره) ـ قريبة جداً.

[١] كما هو المعروف ، بل عن الخلاف والسرائر : الإجماع عليه ، وعن المنتهى : نسبته إلى علمائنا. ولم يحك فيه خلاف إلا من ابن أبي عقيل فأوجب التصدق عنه ، وادعى تواتر الاخبار به ، ونسب القول بقضاء الصوم إلى الشذوذ.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٨.

٥٠٧

ـ من مرض ، أو سفر ، أو نحوهما ـ لا ما تركه عمداً ، أو أتى به وكان باطلا من جهة التقصير في أخذ المسائل [١].

______________________________________________________

ودعواه تواتر الاخبار بالتصدق غير ظاهرة ، إذ لم تعرف رواية به عدا صحيح ابن بزيع عن أبي جعفر الثاني (ع) : « قلت له : رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو يتصدق؟ قال (ع) : يتصدق عنه ، فإنه أفضل » (١) ، وخبر أبي مريم عن أبي عبد الله (ع) : « إذا صام الرجل شيئاً من شهر رمضان ، ثمَّ لم يزل مريضاً حتى مات ، فليس عليه قضاء. وإن صح ثمَّ مرض ثمَّ مات ، وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد ، وإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه » (١).

ولا مجال للعمل بهما بعد مخالفتهما للإجماع ، والنصوص الكثيرة ، التي هي قريبة من التواتر ، كصحيح حفص عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام. قال (ع) : يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت : فان كان أولى الناس به امرأة ، قال (ع) : لا ، إلا الرجال » (٢) ونحوه غيره مما يأتي.

[١] كما عن جماعة ، ونسب إلى المحقق في المسائل البغدادية. ولم‌

__________________

(١) الفقيه ج ٣ صفحة ٢٣٦ حديث : ١١١٩ طبع النجف الأشرف ، الوافي ج ٢ باب : ٥٥ من كتاب الصيام صفحة ٥١.

(٢) هكذا ورد الحديث في النسخة الخطية وقد اختلفت كتب الحديث في نقل متن الحديث المذكور ، فقد ورد بهذا المضمون في كل من التهذيب : ج : ٤ صفحة : ٢٤٨. طبع النجف : والاستبصار : ج : ٢ صفحة : ١٠٩ طبع النجف الأشرف وورد هكذا : « وإن لم يكن له مال صام عنه وليه » في كل من التهذيب والاستبصار بطريق آخر وكذا في الفقيه ج : ٢ صفحة : ٩٨. طبع النجف وفي الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٥.

٥٠٨

وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك عمداً. نعم يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء وأهمل [١] ، وإلا فلا يجب ، لسقوط القضاء حينئذ ، كما عرفت سابقاً. ولا فرق في الميت بين الأب والأم على الأقوى [٢] وكذا‌

______________________________________________________

يتضح وجهه مع إطلاق نصوص القضاء. واشتمال بعضها على ذكر العذر ـ من المرض ، والسفر وغيرهما ـ لا يقتضي حمل المطلق عليه ، لعدم التنافي بين المطلق والمقيد. كما لا يخفى.

ومثله : دعوى انصراف الإطلاق إلى الغالب ، فان الغالب كون الترك لعذر. إذ فيها : أن الغلبة ليست بحيث تصلح للانصراف المسقط للمطلق عن الحجية.

[١] الظاهر أنه لا إشكال في اشتراط قدرة الميت على القضاء وإهماله في وجوب القضاء على الولي ، فيما عدا السفر من الأعذار ، من دون فرق بين المرض ، والحيض ، والنفاس ، وفي الجواهر : « بلا خلاف أجده فيما عدا السفر ». ويشهد له النصوص المتقدمة في المسألة الثانية عشرة والثالثة عشرة. كما تقدم أيضاً فيما ذكر ـ وفي قضاء الصلاة ـ الإشارة إلى الخلاف في إلحاق السفر بغيره وعدمه ، وأن الأقرب الثاني. فراجع.

[٢] كما نسب إلى الأكثر تارة ، والى المعظم أخرى. ويشهد له صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال : « سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت ، أو سافرت ، فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها؟ قال (ع) : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم » (١) ونحوه صحيح ابن مسلم المتقدم (٢) وما في صحيح أبي بصير‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٤.

(٢) راجع المسألة : ١٢ من هذا الفصل.

٥٠٩

لا فرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدق به عنه وعدمه [١]

______________________________________________________

المتقدم ـ الوارد فيمن مرضت في شهر رمضان فماتت في مرضها ـ قال (ع) : « لا يقضى عنها ، فان الله سبحانه لم يجعله عليها » (١).

لكنها لا تدل على أكثر من مشروعية القضاء عنها في قبال نفي مشروعيته في الطمث والمرض. وعدم القول بالفصل بين المشروعية والوجوب غير ثابت. كما أن دعوى كون السؤال إنما هو عن الوجوب لا المشروعية ، للاتفاق على الاستحباب ، غير ظاهرة ، فان اتفاق العلماء على الاستحباب لا يقتضي وضوحه عند السائل في النصوص المذكورة.

نعم ربما يستفاد ذلك من قاعدة الاشتراك. وفيه : أن الثابت من القاعدة هو إلحاق النساء بالرجال في الأحكام الموجهة إليهم المخاطبين بها مثل : يجب على الرجل كذا ، ويحرم عليه كذا ، فالرجل إذا كان موضوعاً للخطاب بحكم كانت المرأة مثله ، ولا يشمل مثل ما نحن فيه مما كان الرجل قيداً لموضوع الحكم. فلاحظ. وقد تقدمت الإشارة إليه في بعض مباحث الخلل وغيره.

[١] كما عن المعظم ، كما في الجواهر ، وعن السرائر : الإجماع منعقد من أصحابنا على ذلك. وعن السيد (ره) : اشتراط عدم تركه ما يمكن التصدق به. ويشهد له خبر أبي مريم السابق على ما رواه الصدوق والكليني هكذا : « وان لم يكن له مال صام عنه وليه » (٢) وفي محكي المعتبر : نسبة الرواية إلى الصراحة ، والاشتهار ، ومطابقة فتوى الفضلاء من الأصحاب وعن السيد : دعوى إجماع الإمامية عليه.

وفيه ـ مع أن الرواية رواها في التهذيب كما سبق : تصدق عنه‌

__________________

(١) راجع المسألة : ١٢ من هذا الفصل.

(٢) لاحظ الفقيه ج ٢ صفحة ٩٨ طبع النجف الأشرف ، الكافي ج ٤ صفحة ١٢٣ طبع إيران الحديثة.

٥١٠

وإن كان الأحوط في الأول الصدقة عنه برضاء الوارث مع القضاء. والمراد بالولي هو الولد الأكبر [١] وان كان طفلا أو مجنوناً حين الموت ، بل وإن كان حملا.

( مسألة ٢٠ ) : لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من الورثة ، وإن كان الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب عنه.

( مسألة ٢١ ) : لو تعدد الولي اشتركا [٢] ، وإن تحمل أحدهما كفى عن الآخر. كما أنه لو تبرع أجنبي سقط عن الولي [٣].

( مسألة ٢٢ ) : يجوز للولي أن يستأجر من يصوم‌

______________________________________________________

وليه » (١) ـ : أنه لا يمكن الجمع العرفي بينها وبين ما سبق بتقييد إطلاقه لأنه خلاف الغالب. ولا الترجيح عليه ، لكونه أصح سنداً ، وأشهر رواية ، ومخالفاً للعامة ـ كما قيل ـ فالعمل بإطلاقه متعين.

[١] كما نسب الى المعظم. وتخصيصه به غير ظاهر ، كما أشرنا الى ذلك في مبحث قضاء الصلاة. فراجع.

[٢] تقدم : أن الأقرب في العمل بالدليل الوجوب الكفائي. ولأجل ذلك يسهل الخطب في جملة من الصور التي لا يمكن فيها التوزيع ، كما لو لزم الكسر ، لكون عدد الأيام أقل من عدد الأولياء أو أكثر ، أو عجز أحدهما عن الصوم ، أولم يقم عنده طريق على اشتغال ذمة الميت به ، أو غير ذلك.

[٣] لانتفاء موضوع الوجوب عنه.

__________________

(١) التهذيب ج ٤ صفحة ٢٤٨ طبع النجف الأشرف ، وهكذا الاستبصار ج ٢ صفحة ١٠٩ طبع النجف الأشرف.

٥١١

عن الميت [١]. وأن يأتي به مباشرة. وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر ، أو أتى به باطلا لم يسقط عن الولي.

( مسألة ٢٣ ) : إذا شك الولي في اشتغال ذمة الميت وعدمه لم يجب عليه شي‌ء [٢]. ولو علم به إجمالا وتردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار على الأقل.

( مسألة ٢٤ ) : إذا أوصى الميت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة سقط عن الولي ، بشرط أداء الأجير صحيحاً [٣] وإلا وجب عليه.

( مسألة ٢٥ ) : إنما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به ، أو شهدت به البينة ، أو أقر به عند موته [٤] وأما لو علم أنه كان عليه القضاء ، وشك في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته ، فالظاهر عدم الوجوب عليه باستصحاب بقائه [٥] نعم لو شك هو في حال حياته ، وأجرى الاستصحاب‌

______________________________________________________

[١] لظهور الدليل في أن المقصود تفريغ ذمة الميت ، لا خصوص مباشرته لذلك.

[٢] لأصالة البراءة. إلا أن تجري أصالة عدم إتيان الميت بالواجب. نعم لو تمت قاعدة الشك بعد الوقت في الصوم ـ كما أشرنا إليه قريبا ـ كانت مقدمة على الاستصحاب المذكور. ومن ذلك يعلم الحال في جواز الاقتصار على الأقل مع تردد الواجب بين الأقل والأكثر.

[٣] قد تقدم القول بالسقوط بمجرد الوصية ، بلا اعتبار الشرط المذكور. كما تقدم ضعفه أيضاً.

[٤] قد تقدم الإشكال في اعتبار الإقرار هنا. فراجع.

[٥] كأن وجهه : أصالة البراءة ، للشك في الفوت ، ولا أصل يحرزه‌

٥١٢

أو قاعدة الشغل ، ولم يأت به حتى مات ، فالظاهر وجوبه على الولي [١].

( مسألة ٢٦ ) : في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان ، أو عمومه لكل صوم واجب قولان [٢] ، مقتضى إطلاق بعض الأخبار الثاني ، وهو الأحوط.

______________________________________________________

لكن عرفت الاشكال فيه ، وأن ما دل على عدم الاجتزاء بالبينة في وفاء الدين الذي على الميت حتى ينضم إليها اليمين ، معللا باحتمال الوفاء يدل على المقام بالأولوية. لكنه لا يخلو من تأمل.

[١] لما كان ظاهر الأدلة أن موضوع الوجوب على الولي هو الصوم الواقعي الثابت على الميت وإن لم يتنجز عليه ، لغفلته وذهوله ، أو اعتقاده بالأداء ، فلا بد في تنجز الوجوب على الولي من علمه بثبوت ذلك على الميت أو قيام طريق عليه ، أو أصل محرز له. وحينئذ فعلم الميت وشكه لا أثر لهما في وجوب شي‌ء على الولي ، فلو علم الميت أن في ذمته شيئاً والولي يعلم بعدمه لم يجب على الولي القضاء ، ولو انعكس الفرض وجب ، وكذا لو قام الطريق عند الولي على الثبوت ولم يكن طريق عليه عند الميت.

وبالجملة : المدار على اعتقاد الولي ، أو قيام منجز عنده ، لا علم الميت ، أو قيام منجز عنده. نعم لو كان الموضوع الثبوت الواقعي ، أو الظاهري عند الميت ولو كان عقلياً ، وجب في الفرض المذكور. لكنه غير ظاهر من الأدلة. فلاحظ.

[٢] فعن ابن أبي عقيل وابني بابويه. الاختصاص. وعن الشيخين : العموم ، واختاره في الشرائع. لصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام. قال (ع) :

٥١٣

( مسألة ٢٧ ) : لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان ـ إذا كان عن نفسه ـ الإفطار بعد الزوال [١] ، بل تجب‌

______________________________________________________

يقضي عنه أولى الناس بميراثه » (١) ورواية الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا (ع) : « إذا مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علة ، فعليه أن يتصدق عن الشهر الأول ، ويقضي الشهر الثاني » (٢). ومنع دلالة الجملة الخبرية على الوجوب ضعيف ، كما حقق في محله. نعم لا إطلاق في رواية الوشاء. فالعمدة في إثبات العموم : هو الصحيح وكون ما عداه من النصوص مختصاً بصوم رمضان لا يقتضي تقييده به.

[١] فإنه مذهب الأصحاب لا أعلم فيه خلافاً ، كما عن المدارك.

ونسب الخلاف فيه إلى ظاهر الشيخ (ره) في التهذيب ، حيث حمل رواية عمار الآتية على نفي العقاب. ولكن المحتمل أن يكون مراده مجرد بيان وجه الجمع بين الأخبار ، لا إبداء الاعتقاد.

ويشهد للمشهور صحيحة جميل عن أبي عبد الله (ع) : « أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان : إنه بالخيار الى زوال الشمس. فان كان تطوعاً فإنه إلى الليل بالخيار » (٣) ، ونحوه رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) (٤). وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « قال : صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل ومتى شئت ، وصوم الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس. فاذا زالت الشمس فليس لك أن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ١٠.

٥١٤

عليه الكفارة به [١]. وهي ـ كما مر ـ [٢] إطعام عشرة مساكين‌

______________________________________________________

تفطر » (١) وقريب منها رواية سماعة عن أبي عبد الله (ع) (٢) مضافاً الى نصوص الكفارة الظاهرة في الحرمة (٣).

نعم قد يعارضها موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) فيمن عليه أيام من شهر رمضان : « سئل فإن نوى الصوم ثمَّ أفطر بعد ما زالت الشمس. قال (ع) : قد أساء ، وليس عليه شي‌ء ، إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه » (٤). وفي ظهورها في نفي الحرمة تأمل ، بل لعلها ظاهرة فيها. نعم ظاهرها : نفي الكفارة ، فهي معارضة بأدلتها لا غير.

ونحوها : ما تضمن أنه لا ينبغي للزوج أن يكره زوجته على الجماع بعد الزوال ، وهي تقضي شهر رمضان (٥) فان قوله (ع) : ( لا ينبغي ) لو سلم ظهوره في الكراهة ، أمكن أن يكون ذلك بالنسبة إلى الزوج لا الزوجة

ومن الصحيح المتقدم وغيره يظهر الجواز قبل الزوال ، خلافاً للعماني لظاهر بعض النصوص (٦) ، وإطلاق آخر (٧). والجميع لا يصلح لمعارضة ما سبق ، بل هو محمول على الكراهة ، أو على ما بعد الزوال جمعاً.

[١] من غير خلاف ظاهر ، إلا من العماني فأنكره. ويشهد للمشهور : نصوص الكفارة. وللعماني : موثقة عمار السابقة ، التي لا تصلح للحجية بعد هجرها.

[٢] مر الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١ ، ٢ ، ٣ ، ٥.

(٤) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث : ٦.

(٧) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٣.

٥١٥

لكل مسكين مد ، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيام. وأما إذا كان عن غيره ـ بإجارة ، أو تبرع ـ فالأقوى جوازه [١] ، وإن كان الأحوط الترك. كما أن الأقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسع [٢] ، وإن كان الأحوط الترك فيها أيضاً وأما الإفطار قبل الزوال فلا مانع منه حتى في قضاء شهر رمضان عن نفسه [٣]. إلا مع التعيين بالنذر ، أو الإجارة [٤] أو نحوهما. أو التضيق بمجي‌ء رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه ، كما هو المشهور.

______________________________________________________

[١] لانصراف الدليل السابق إلى الصائم عن نفسه. والفرق بين هذا الحكم وسائر الأحكام التي استقر بناؤهم على تسريتها للفعل عن الغير ، هو أن مرجعه الى وجوب البقاء على النيابة ، فلا يكون من آثار الفعل الوضعية أو التكليفية ، بل من آثار النيابة فيه ، بخلاف سائر الأحكام. ومثله : حرمة قطع الفريضة ، فإنه لا يسري إلى الفريضة التي يؤتى بها بقصد النيابة.

[٢] كما هو المشهور ، الموافق للأصل. وعن الحلبي : الحرمة. وكأنه لقوله تعالى : ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (١). ولكنه قد تكرر مراراً الاشكال فيه.

نعم قد يساعده رواية عبد الله بن سنان السابقة (٢) ونحوها. ولكن لا يبعد أن يكون المراد من صوم الفريضة ما كان فريضة بعنوان كونه صوماً لا بعنوان أمر آخر خارج عنه ، كالنذر ، والإجارة ، وأمر الوالد ، ونحوها.

[٣] كما سبق.

[٤] فإن الحرمة حينئذ يقتضيها دليل نفوذ النذر والإجارة والله سبحانه أعلم.

__________________

(١) محمد : ٣٣.

(٢) تقدم ذلك في أوائل المسألة.

٥١٦

فصل في صوم الكفارة

وهو أقسام :

منها : ما يجب فيه الصوم مع غيره ، وهي كفارة قتل العمد [١] ، وكفارة من أفطر على محرم في شهر رمضان [٢] فإنه تجب فيها الخصال الثلاث.

منها : ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره ، وهي كفارة الظهار [٣] ،

______________________________________________________

فصل في صوم الكفارة‌

[١] إجماعاً ، كما عن جماعة. ويشهد له جملة من النصوص ، كصحيح ابني سنان وبكير عن أبي عبد الله (ع) : « سئل : المؤمن يقتل المؤمن متعمداً ، هل له توبة؟ فقال (ع) : إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضبه ، أو بسبب من أمر الدنيا ، فان توبته أن يقاد منه وإن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فان عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكيناً » (١).

[٢] كما تقدم (٢).

[٣] لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ ... إلى قوله تعالى : فَمَنْ لَمْ

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب القصاص في النفس حديث : ١.

(٢) لاحظ المسألة : ١ من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء.

٥١٧

وكفارة قتل الخطأ [١] ، فان وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق ، وكفارة الإفطار في قضاء رمضان [٢] ، فان الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام ، كما عرفت ، وكفارة اليمين [٣] وهي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام ، وكفارة صيد النعامة ، وكفارة صيد البقر الوحشي ، وكفارة صيد الغزال ، فإن الأول تجب فيه بدنة [٤] ، ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً. والثاني يجب فيه ذبح بقرة ، ومع العجز عنها صوم تسعة أيام. والثالث يجب فيه شاة ، ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيام ،

______________________________________________________

يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) (١).

[١] لقوله تعالى : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ... إلى قوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ... ) (٢) وبمضمونها جملة من النصوص (٣) وعن المفيد وسلار : أنها مخيرة. وما سبق حجة عليهما.

[٢] كما سبق (٤).

[٣] للآية (٥) ، والنصوص (٦).

[٤] الكلام في ذلك موكول إلى محله.

__________________

(١) المجادلة : ٣ ـ ٤.

(٢) النساء : ٩٢.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب بقية الصوم الواجب حديث : ١ ، وباب : ١٠ من أبواب القصاص في النفس حديث : ٣.

(٤) لاحظ المسألة : ١ من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء.

(٥) المائدة : ٨٩.

(٦) راجع الوسائل باب : ١٢ من أبواب الكفارات.

٥١٨

وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامداً ، وهي بدنة ، وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً ، وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى أدمته ، ونتفها رأسها فيه ، وكفارة شق الرجل ثوبه على زوجته أو ولده ، فإنهما ككفارة اليمين [١].

ومنها : ما يجب فيه الصوم مخيراً بينه وبين غيره ، وهي : كفارة الإفطار في شهر رمضان ، وكفارة الاعتكاف ، وكفارة النذر والعهد ، وكفارة جز المرأة شعرها في المصاب ، فان كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث على الأقوى ، وكفارة حلق الرأس في الإحرام ، وهي دم شاة ، أو صيام ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين [٢]. لكل واحد مدان.

ومنها : ما يجب فيه الصوم مرتباً على غيره مخيراً بينه‌

______________________________________________________

[١] ففي رواية خالد بن سدير : « إذا شق زوج على امرأته ، أو والد على ولده ، فكفارته كفارة حنث يمين. ولا صلاة لهما حتى يكفرا ، أو يتوبا من ذلك. وإذا خدشت المرأة وجهها ، أو جزت شعرها ، أو نتفته ففي جز الشعر عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً. وفي خدش الوجه إذا أدمت ، وفي النتف كفارة حنث يمين » (١) وعن السرائر والمدارك : الحمل على الاستحباب ، لضعف الرواية. وتحقيق الحال في ذلك موكول إلى محله.

[٢] أما في إفطار شهر رمضان فقد تقدم (٢) وأما في الاعتكاف فهو الأشهر ، لرواية سماعة (٣). وقيل : مرتبة ، لصحيحي زرارة وأبي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الكفارات حديث : ١.

(٢) لاحظ المسألة : ١ من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب الاعتكاف حديث : ٥.

٥١٩

وبين غيره ، وهي كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه [١] ، فإنها بدنة ، أو بقرة. ومع العجز فشاة ، أو صيام ثلاثة أيام.

( مسألة ١ ) : يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع ، أو كفارة التخيير [٢]. ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني [٣]. وكذا‌

______________________________________________________

ولاد (١) المحمولين على الاستحباب جمعا. وأما كفارة النذر فقيل : مخيرة وقيل : كفارة يمين. وهو الأظهر ، لتكثر النصوص بأن كفارته كفارة يمين (٢) وأما كفارة العهد فلروايتي علي بن جعفر (ع) (٣) وأبي بصير (٤) بلا معارض. وأما كفارة جز المرأة فلما تقدم في رواية خالد بن سدير. وأما كفارة الحلق فيشهد للتخيير فيها قوله تعالى ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... ) (٥) المفسر في النصوص بما ذكر في المتن‌ (٦)

[١] الكلام في ذلك موكول الى محله.

[٢] بلا خلاف ظاهر. للتقييد به في أدلتها ، من الكتاب والسنة. فراجع.

[٣] يعني : فيجوز الإفطار حينئذ عمداً ، كما عن ظاهر ابني الجنيد وأبي عقيل ، وصريح العلامة ، والدروس. والعمدة فيه : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « عن قطع صوم كفارة اليمين ، وكفارة الظهار‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الاعتكاف حديث : ١ ، ٦.

(٢) لاحظ المسألة : ١ من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء.

(٣) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الكفارات حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الكفارات حديث : ٢.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) الوسائل باب : ١٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام.

٥٢٠