مستمسك العروة الوثقى - ج ٨

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٨

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٤

( مسألة ٥ ) : الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان [١] قبل أن يمضي ثلاثة وعشرون يوماً [٢] ، إلا في حج ، أو عمرة ، أو مال يخاف تلفه ، أو أخ يخاف هلاكه [٣].

( مسألة ٦ ) : يكره للمسافر في شهر رمضان [٤]

______________________________________________________

المحقق الشيرازي (ره) وغيرهما. وهذا هو الأقوى.

نعم لو كان مقصود الناذر نذر الإقامة والصوم وجبت الإقامة. وكذا الواجب المعين بالإجارة إذا كان المقصود الإجارة على الإقامة والصوم ، كما أشرنا إلى ذلك في صلاة المسافر. والله سبحانه أعلم.

[١] قد عرفت : أن مقتضى الجمع بين النصوص هو أفضلية الإقامة والصوم.

[٢] تقدم التحديد بذلك في رواية علي بن أسباط‌ (١)

[٣] تقدم التعرض في النصوص لاستثناء ذلك‌ (٢)

[٤] كما هو المشهور ، وعن المدارك : أنه مما قطع به الأصحاب. لصحيح ابن سنان : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسافر في شهر رمضان ومعه جارية له ، أفله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال (ع) : سبحان الله أما يعرف هذا حرمة شهر رمضان؟! إنه له في الليل سبحاً طويلا. قلت : أليس له أن يأكل ويشرب ويقصر؟ فقال (ع) : إن الله تبارك وتعالى قد رخص للمسافر في الإفطار والتقصير رحمة وتخفيفاً ، لموضع التعب والنصب ووعث السفر ، ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان .. ( إلى أن قال ) : وإني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلا القوت ، وما أشرب كل الري » (٣) وعن أبي الصلاح :

__________________

(١) ، (٢) لاحظ ذلك في المسألة : ٤ من هذا الفصل.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٥.

٤٤١

ـ بل كل من يجوز له الإفطار ـ [١] التملي من الطعام والشراب وكذا يكره له الجماع في النهار ، بل الأحوط تركه [٢]. وإن كان الأقوى جوازه.

______________________________________________________

الحرمة ، وهو ضعيف لما يأتي.

[١] لما يظهر من الصحيح السابق : من أن الموجب للكراهة منافاة ذلك لحرمة الشهر ، لا لخصوصية السفر.

[٢] لما عرفت : من حكاية الحرمة عن أبي الصلاح ، وكذا عن الشيخ (ره) للصحيح المتقدم ـ ونحوه صحيحه الآخر (١) وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) : « إذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء في النهار ، فان ذلك محرم عليه » (٢) لكن يجب حملها على الكراهة ، جمعاً بينها وبين ما دل على الجواز ، كصحيح عمر بن يزيد : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسافر في شهر رمضان ، أله أن يصيب من النساء؟ قال (ع) : نعم » (٣) ونحوه غيره مما هو كثير. فلاحظ الباب المعقود له في الوسائل في أبواب من يصح منه الصوم (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب من يصح منه الصوم.

٤٤٢

فصل

وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص بل قد يجب [١] :

الأول والثاني : الشيخ والشيخة ، إذا تعذر عليهما الصوم [٢] ، أو كان حرجاً ومشقة [٣] ، فيجوز لهما الإفطار. لكن يجب عليهما [٤] فصل‌

______________________________________________________

[١] وذلك إذا لزم من الصوم ضرر محرم.

[٢] بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، كما في الجواهر ويشهد له ـ مضافاً الى حكم العقل ، وحديث رفع الاضطرار (١) ـ النصوص الكثيرة التي كادت تكون متواترة ، كما ستأتي الإشارة إلى بعضها.

[٣] إجماعاً على الظاهر أيضاً. ويشهد له ـ مضافاً الى ما دل على نفي الحرج (٢) إطلاق بعض النصوص الآتية ، أو صريحها.

[٤] على المشهور شهرة عظيمة. للأمر بالفدية في النصوص الآتية. وعن أبي الصلاح : الاستحباب. ويشهد له الصحيح عن إبراهيم الكرخي : « قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل شيخ لا يستطيع القيام الى الخلاء لضعفه ، ولا يمكنه الركوع والسجود .. ( إلى أن قال ) : قلت : فالصيام. قال (ع) : إن كان في ذلك الحد فقد وضع الله تعالى عنه. فان كانت‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

(٢) راجع المسألة : ١٠ من فصل ماء البئر ج ١ من هذا الشرح.

٤٤٣

في صورة المشقة [١] ـ بل في صورة التعذر أيضاً ـ [٢]

______________________________________________________

له مقدرة فصدقة مد من طعام بدل كل يوم أحب إلي. وان لم يكن له يسار ذلك فلا شي‌ء عليه » (١) إلا أنه ـ مع اختصاصه بالعاجز ـ يمكن حمله عليه جمعاً ، كما يأتي.

[١] بلا خلاف فيه بين القائلين بوجوب الفدية. لصحيح عبد الملك ابن عتبة الهاشمي قال : « سألت أبا الحسن (ع) عن الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان. قال (ع) : يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة » (٢) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان. فقال (ع) : يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل يوم » (٣) ونحوهما غيرهما.

[٢] على المشهور. كما يقتضيه إطلاق بعض النصوص الشامل له. وللمشقة. وخصوص خبر أبي بصير ، المحكي عن نوادر ابن عيسى قال : « قال أبو عبد الله (ع) : « أيما رجل كبير لا يستطيع الصيام ، أو مرض من رمضان الى رمضان ثمَّ صح ، فإنما عليه لكل يوم أفطر فيه فدية إطعام ، وهو مد لكل مسكين » (٤) وخبره الآخر عن أبي عبد الله (ع) « قلت له : الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم. فقال (ع) : يصوم عنه بعض ولده. قلت : فان لم يكن له ولد. قال (ع) : فأدنى قرابته. قلت : فان لم يكن له قرابة. قال (ع) : يتصدق بمد في كل يوم. فان لم يكن عنده شي‌ء فليس عليه » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١٠.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٩.

(٤) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١٢.

(٥) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١١.

٤٤٤

التكفير بدل كل يوم بمد من طعام. والأحوط مدان [١].

______________________________________________________

وعن المفيد والسيد وسلار وابني زهرة وإدريس والمختلف : عدم الوجوب ، واختصاصها بصورة المشقة للأصل. ولمناسبة الفدية للقدرة. ولصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « في قول الله عز وجل : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال (ع) : الشيخ الكبير والذي يأخذه العطاش » (٢) الظاهر في أن موضوع الفدية الطاقة. ولكن لا مجال للأصل مع الدليل. والمناسبة ـ لو تمت ـ لا تصلح لإثبات شي‌ء. والصحيح ـ مع معارضته بما دل على أن الآية منسوخة ـ غير ظاهر فيما ذكر ، لاحتمال كون المراد : « الذين كانوا يطيقونه » ، كما في مرسل ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) (٣) ولو سلم فمقتضاه اختصاص الآية بالطاقة ، لا اختصاص الفدية بها ، فلا يعارض ما دل على ثبوتها مع العجز أيضا ، مما عرفت الإشارة إليه.

نعم يمكن الاستشهاد للقول المذكور بالصحيح عن إبراهيم الكرخي المتقدم ، بناء على ظهوره في العاجز ، فإنه يقيد ما دل بإطلاقه على ثبوت الكفارة فيه ، ويوجب حمل ما دل بالخصوص على وجوبها فيه ـ كروايتي أبي بصير ـ على الاستحباب. بل لو سلم إطلاقه يمكن حمله على العاجز ، جمعاً بينه وبين ما تقدم مما دل على وجوبها في القادر مع المشقة.

[١] كما عن الشيخ (ره) فيمن تمكن منهما ، جمعاً بين ما دل على أنها مد واحد ، الذي هو المشهور في النصوص ، وما دل على أنها مدان ، كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) المتقدم ، الذي رواه الشيخ (ره) : « في‌

__________________

(١) البقرة : ١٨٤.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٦.

٤٤٥

والأفضل كونهما من حنطة [١]. والأقوى وجوب القضاء عليهما لو تمكنا بعد ذلك [٢].

______________________________________________________

الشيخ الكبير والذي به العطاش. قال (ع) : يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام » (١) بحمل الثاني على القادر عليهما ، والأول على العاجز.

وفيه ـ مضافاً إلى بعده في أخبار المد ـ : أنه جمع لا شاهد عليه ، فلا يجوز ارتكابه بعد أن كان الجمع العرفي يقتضي حمل الثاني على الاستحباب‌

[١] كما في صحيح الهاشمي المتقدم (٢) ولم يعرف عامل بظاهره.

[٢] كما هو المشهور ، كما في المستند. لعموم قضاء الفائت. وعن علي ابن بابويه : العدم ، وحكي عن جماعة ، منهم النافع والمدارك ، ويظهر من محكي المراسم والوسيلة والسرائر ، وقواه في الرياض والمستند. لصحيح محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان. ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ، ولا قضاء عليهما » (٣) ويشير اليه صحيح الحلبي المتقدم (٤) ورواية أبي بصير المحكية عن النوادر (٥) ورواية ابن فرقد فيمن ترك الصيام : « إن كان من مرض فإذا برئ فليقضه. وإن كان من كبر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٢. ولا يخفى : أنه ليس هو بالصحيح لمحمد بن مسلم المتقدم في التعليقة السابقة ، كما يظهر ذلك بمراجعة الوسائل ، والتهذيب ج ٤ صفحة ٢٣٨ طبع النجف الأشرف والاستبصار ج ٢ صفحة ١٠٤ طبع النجف الأشرف. بل هو الصحيح الآتي له قريباً ، مع تغيير يسير. فلاحظ.

(٢) تقدم ذلك قريباً في هذه المسألة.

(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١.

(٤) ، (٥) تقدما قريباً في هذه المسألة.

٤٤٦

الثالث : من به داء العطش [١] فإنه يفطر ، سواء كان بحيث لا يقدر على الصبر ، أو كان فيه مشقة. ويجب عليه التصدق بمد. والأحوط مدان. من غير فرق بين ما إذا كان مرجو الزوال أم لا [٢]. والأحوط ـ بل الأقوى ـ وجوب القضاء عليه إذا تمكن بعد ذلك [٣].

______________________________________________________

أو عطش فبدل كل يوم مد » (١).

ودعوى : انصرافها إلى غير المتمكن من القضاء ممنوعة ، كما يظهر بأقل تأمل فيها. ولا سيما بملاحظة ذكر ذي العطاش الممنوع فيه الغلبة. والمقابلة بين المريض والشيخ الظاهرة في اختلافهما في الحكم. فلاحظ.

[١] إجماعاً حكاه غير واحد ، منهم العلامة في محكي التذكرة ، والتحرير ، والمنتهى. لما دل على رفع الاضطرار والحرج. وللنصوص المتقدم بعضها في الشيخ ، التي منها يستفاد أن الفدية مد واحد ، كما هو المشهور نصاً وفتوى. وعن الشيخ : أنها مدان لمن تمكن منهما. للصحيح المتقدم وتقدم الجواب عنه.

[٢] لإطلاق أدلة الفدية. وعن العلامة في جملة من كتبه : نفي الفدية مع رجاء البرء ، وتبعه عليه في جامع المقاصد. للأصل. وكونه من المريض الذي لا كفارة عليه. وهو ـ كما ترى ـ لا يصلح لمعارضة ما سبق. ومثله : ما عن سلار في المراسم : من نفيها مع اليأس من البرء ، لأصالة البراءة.

[٣] كما هو المشهور ظاهراً. لعموم قضاء الفائت ـ كما سيأتي ـ ولقوله تعالى ( وَمَنْ كانَ مَرِيضاً ... ) (٢) وفيه : أن العموم مخصص بصحيحي ابن مسلم وغيرهما. والآية غير ظاهرة الشمول لما نحن فيه ، لقرب دعوى‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الصوم المندوب حديث : ١.

(٢) البقرة : ١٨٥.

٤٤٧

كما أن الأحوط أن يقتصر على مقدار الضرورة [١].

______________________________________________________

انصرافها إلى غيره ، كما يعطيه خبر داود بن فرقد المتقدم. ولو سلم فهي أيضاً مخصصة بما عرفت.

ودعوى : أن بينه وبينها عموماً من وجه ، لاختصاصها بالمرض الزائل إذ الظاهر من : ( أَيّامٍ أُخَرَ ) غير أيام المرض. وعمومه له وللمستمر ، والمرجع في مورد التعارض عموم القضاء. مندفعة : بأنه لو سلم فحيث أن المرض المتقدم في الشرط هو في أيام شهر رمضان فغير أيامه يراد بها غير أيام شهر رمضان ، سواء أكان فيها مرض آخر أم لم يكن. ولا وجه لتخصيصها بما لا يكون فيها مرض أصلا ، وإرادة غير أيام مطلق المرض خلاف الظاهر.

فان قلت : إذا كان المرض في شهر رمضان مسوغاً للإفطار كان مسوغاً له في غيره بالأولوية ، فلا بد من حمل ( الأيام الأخر ) على غير أيام مطلق المرض ، لا خصوص المرض السابق. قلت : هذا بعينه جار في الصحيحين ، فنفي القضاء فيهما لا بد أن يكون بملاحظة حال البرء من العطاش ـ لا حاله ـ فيكونان أيضا أخص.

هذا مضافاً إلى ما يفهم من نصوص الباب في الموارد الثلاثة ، من كون الفدية بدلا عن نفس الصوم بمنزلة القضاء ، يتدارك بها مصلحته ، لا بدلا عن خصوصية الوقت. ولذا لا تجب في المريض ، والمسافر ، والحائض ، والنفساء ، وغيرهم من المعذورين ـ فتأمل جيداً ـ فاذاً القول بنفي القضاء ـ كما عن بعض ـ في محله.

[١] فعن بعض : وجوب الاقتصار عليها ، لرواية عمار عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه. قال عليه‌السلام : يشرب بقدر ما يمسك به رمقه ، ولا يشرب حتى‌

٤٤٨

الرابع : الحامل المقرب التي يضرها الصوم [١] ، أو يضر حملها [٢] ، فتفطر ، وتتصدق [٣]

______________________________________________________

يروى » (١) وفيه : أنه أجنبي عما نحن فيه ، لاختصاصه بمن يعرض له العطش اتفاقاً في نهار الصوم. وكذا رواية المفضل عنه (ع) : « إن لنا فتيانا وبنات لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش. قال (ع) : فليشربوا بمقدار ما تروى به نفوسهم وما يحذرون » (٢) مع الإشكال في اعتبارها ، لجهالة إسماعيل بن مرار ، وقد مر الكلام فيه في مرسلة يونس في مستمرة الدم. فلا مجال لرفع اليد عن الإطلاق.

[١] بلا خلاف ولا إشكال ، وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه. لعموم ما دل على نفي الضرر والحرج. ولصحيح محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر (ع) يقول : الحامل المقرب ، والمرضعة القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان ، لأنهما لا تطيقان. وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطران فيه بمد من طعام. وعليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه ، تقضيانه بعد » (٣).

[٢] اتفاقاً. لإطلاق النص وغيره.

[٣] بلا خلاف ظاهر فيه إذا كان الخوف على الولد. وكذا لو كان على نفسها ، كما اختاره جماعة. لإطلاق الصحيح. وعن المشهور ـ كما في محكي المسالك ـ : عدم الكفارة حينئذ ، بل في محكي الدروس : نسبة التقييد بالولد إلى الأصحاب. ولا يخلو من تأمل ، إذ قيل : « لم نقف على مصرح بالتفصيل إلا فخر الإسلام وبعض من تأخر عنه ».

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٧ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١.

٤٤٩

من مالها [١] بالمد أو المدين [٢] ، وتقضي بعد ذلك [٣].

الخامس : المرضعة القليلة اللبن [٤] إذا أضر بها الصوم‌

______________________________________________________

وكيف كان فليس له وجه ظاهر في قبال إطلاق الصحيح. وانتفاء الكفارة في المريض وكل من خاف على نفسه ، لا يكفي في قياس المقام عليه‌

[١] كما نص عليه جماعة من الأعاظم. لظهور الأمر بها في ذلك كالقضاء. وليست من النفقة الواجبة ، لتكون على الزوج. ويشهد به : ما ورد في من أكره زوجته على الجماع في نهار رمضان ، وأنه عليه كفارتان وإن طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة.

[٢] يعني : على الخلاف المتقدم.

[٣] على المشهور ، وعن الخلاف : دعوى الإجماع عليه. للصحيح وعن علي بن بابويه وسلار : العدم. ولا يعرف له وجه إلا الصحيح عن محمد بن جعفر : « قلت لأبي الحسن (ع) : إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين ، فوضعت ولدها ، وأدركها الحبل ، فلم تقو على الصوم. قال (ع) : فلتتصدق مكان كل يوم بمد على مسكين » (١) وهو ـ مع أنه غير ما نحن فيه ـ ليس له ظهور يقوى على صرف الصحيح الى الاستحباب.

[٤] اتفاقاً ، كالحامل. للصحيح المتقدم فيها ، ولمكاتبة ابن مهزيار المروية عن مستطرفات السرائر : « كتبت إليه ( يعني : علي بن محمد ) أسأله عن امرأة ترضع ولدها وغير ولدها في شهر رمضان ، فيشتد عليها الصوم ـ وهي ترضع ـ حتى يغشى عليها ، ولا تقدر على الصيام ، أترضع وتفطر وتقضي صيامها إذا أمكنها ، أو تدع الرضاع وتصوم ، فان كانت مما لا يمكنها اتخاذ من يرضع ولدها فكيف تصنع؟ فكتب (ع) : إن كانت ممن يمكنها اتخاذ ظئر استرضعت لولدها وأتمت صيامها. وإن كان ذلك لا يمكنها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٢.

٤٥٠

أو أضر بالولد [١]. ولا فرق بين أن يكون الولد لها ، أو متبرعة برضاعه ، أو مستأجرة [٢]. ويجب عليها التصدق بالمد أو المدين أيضاً من مالها [٣] ، والقضاء بعد ذلك. والأحوط ـ بل الأقوى ـ الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع [٤] تبرعاً ، أو بأجرة من أبيه ، أو منها ، أو من متبرع.

______________________________________________________

أفطرت وأرضعت ولدها ، وقضت صيامها متى ما أمكنها » (١)

[١] لإطلاق الصحيح.

[٢] كما نص عليه في محكي الدروس وغيره. لإطلاق الصحيح ، وصريح المكاتبة.

[٣] الكلام فيه كما سبق في الحامل قولا ودليلا. وكذا الحال فيما بعده‌

[٤] كما يقتضيه صريح المكاتبة ، فيقيد بها إطلاق الصحيح. بل قد يشير إلى ذلك قوله (ع) في الصحيح : « لا حرج عليهما » ، فإنه مع إمكان ارتضاع الولد من غيرها لا حرج في الصوم. وكذا التعليل فيه بعدم الطاقة فإن مقتضى تطبيقه على الارتكازي العرفي حمله على خصوص الصورة المذكورة. ولا ينافي ذلك تصريح الأصحاب : بعدم الفرق بين الأم والمتبرعة إذ المراد من المتبرعة المرضعة مجاناً ، وان وجب عليها ذلك للانحصار.

وضعف سند المكاتبة غير ظاهر ، لروايتها عن الحميري عن ابن مهزيار الجليلين ، ومن القريب جداً : أن يكون الحلي قد عثر على ما يوجب له اليقين برواية الحميري لها. فلاحظ.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٣.

٤٥١

فصل

في طريق ثبوت هلال رمضان وشوال للصوم والإفطار ، وهي أمور [١] :

الأول : رؤية المكلف نفسه.

الثاني : التواتر.

الثالث : الشياع المفيد للعلم وفي حكمه كل ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن. فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به وإن لم يوافقه أحد ، بل وإن شهد ورد الحاكم شهادته.

الرابع : مضي ثلاثين يوماً من هلال شعبان ، أو ثلاثين يوماً من هلال رمضان ، فإنه يجب الصوم معه في الأول ،

______________________________________________________

فصل

في طريق ثبوت هلال رمضان وشوال‌

[١] الطرق الأربعة الأول كلها راجعة إلى العلم ، الذي هو حجة بنفسه. وتعرض الأصحاب لذكرها ـ كاشتمال النصوص على بعضها ـ كان تنبيهاً على أسباب العلم ، لا لخصوصية فيها ، كما هو واضح.

هذا والنصوص قد تعرضت للأول ، وهي متجاوزة حد التواتر ، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ « فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر » (١) كما تعرضت للثاني ، مثل خبر عبد الرحمن

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٧.

٤٥٢

والإفطار في الثاني.

الخامس : البينة الشرعية [١] ، وهي خبر عدلين ، سواء‌

______________________________________________________

« عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان. فقال (ع) : لا تصم ذلك اليوم ، إلا أن يقضي أهل الأمصار ، فإن فعلوا فصمه » (١) ونحوه غيره. ويحتمل أن يكون المراد بها الثالث. كما أنها استفاضت في الرابع ، كصحيح محمد بن قيس : « فان غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثمَّ أفطروا » (٢) ونحوه غيره ، الوارد بعضه في هلال شهر رمضان ، وبعضه في هلال شوال.

[١] بلا خلاف ظاهر في ذلك في الجملة. نعم في الشرائع : حكاية القول بعدم القبول مطلقاً ، ولم يعرف قائله ، كما اعترف به في الجواهر وغيرها. ويدل عليه ـ مضافاً الى إطلاق ما دل على حجية البينة ، كخبر مسعدة بن صدقة ، حسب ما تقدم تقريب دلالته في المياه (٣) ـ موثق منصور ابن حازم عن أبي عبد الله (ع) : « فان شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه » (٤) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : « قال علي (ع) : لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ، إلا شهادة رجلين عدلين » (٥) وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله (ع) : « إن علياً (ع) كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين » (٦) ونحوها غيرها.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١.

(٣) لاحظ المسألة : ٦ من فصل ماء البئر من الجزء الأول من هذا الشرح.

(٤) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٧.

(٦) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

٤٥٣

______________________________________________________

نعم يعارضها : خبر إبراهيم بن عثمان الخزاز عن أبي عبد الله (ع) : « قلت له : كم يجزي في رؤية الهلال؟ فقال (ع) : إن شهر رمضان فريضة من فرائض الله تعالى فلا تؤدى بالتظني ، وليس رؤية الهلال أن يقوم عدة فيقول واحد : قد رأيته ، ويقول الآخرون : لم نره ، إذا رآه واحد رآه مائة ، وإذا رآه مائة رآه ألف. ولا يجزي في رؤية الهلال ـ إذا لم يكن في السماء علة ـ أقل من شهادة خمسين. وإذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر » (١) وخبر حبيب الخزاعي ( الخثعمي الجماعي ) : « قال أبو عبد الله (ع) : لا تجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا ، عدد القسامة. وإنما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر ـ وكان بالمصر علة ـ فأخبرا أنهما رأياه ، أو أخبرا عن قوم صاموا للرؤية » (٢)

وكأنه لأجلها اختار جماعة عدم قبول البينة إذا لم يكن في السماء علة كالصدوق ، والشيخ ، وبني حمزة وزهرة والبراج ، والحلبي ـ على ما حكي عنهم ـ على اختلاف في عباراتهم المحكية ، من حيث اعتبار كونهما من خارج البلد أيضاً إذا كانت في السماء علة ـ كما هو ظاهر الخبرين ـ أو يكفي أحد الأمرين ، من العلة والخروج عن البلد.

وكيف كان فالقول المذكور ضعيف ، لا لضعف الخبرين ـ لأن الظاهر اعتبار الأول ، مع الانجبار بعمل الأجلاء ـ بل لأن ظاهر الخبرين عدم حجية البينة مع الاطمئنان النوعي بالخطإ ، كما يشير اليه قوله (ع) في الأول : « فلا تؤدى بالتظني » ، وقوله (ع) : « إذا رآه واحد رآه مائة .. ». فالممنوع من حجية البينة خصوص الصورة التي هي مورد الملازمة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٠.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٣.

٤٥٤

شهدا عند الحاكم وقبل شهادتهما ، أو لم يشهدا عنده ، أو شهدا ورد شهادتهما [١]. فكل من شهد عنده عدلان يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر [٢] ، من الصوم أو الإفطار. ولا فرق بين أن تكون البينة من البلد أو من خارجه ، وبين وجود العلة في السماء وعدمها [٣]. نعم يشترط توافقهما في الأوصاف ، فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها [٤]. نعم لو أطلقا ،

______________________________________________________

المذكورة لا مطلقاً. ولذا تضمنا جواز الاعتماد عليها مع العلة ، وكون المخبر من خارج البلد ، لانتفاء الملازمة المذكورة حينئذ ، الموجب لانتفاء الاطمئنان بالخطإ نوعاً. وهذا أمر آخر غير القول المذكور. اللهم إلا أن يكون مراد القائل ذلك. وحينئذ لا بأس بالالتزام به ، للخبرين المذكورين ، المطابقين لبناء العقلاء في باب حجية الخبر.

[١] كما نص عليه غير واحد من دون نقل خلاف فيه. ويقتضيه إطلاق النصوص.

[٢] إذ بقيام الحجة يتنجز وجوب الصوم أو الإفطار.

[٣] على ما عرفت.

[٤] كما نص عليه غير واحد ، مرسلين له إرسال المسلمات. وهو كذلك لا من جهة أن ظاهر دليل حجية البينة كون موضوعه الخبرين الحاكيين عن مفهوم واحد ، وليس كذلك في الفرض ، لأن الذات المقيدة بوصف غير الذات المقيدة بضده. فان ذلك ممنوع ، بل الظاهر كون موضوعه الخبرين الحاكيين عن خارجي واحد ولو بتوسط مفهومين مختلفين ، ولذا لا إشكال عندهم في قبول البينة مع اختلاف الشاهدين في الأوصاف غير المتضادة. بل لأن الاختلاف بالأوصاف المتضادة مانع من الحكاية عن خارجي واحد‌

٤٥٥

أو وصف أحدهما وأطلق الآخر كفى [١]. ولا يعتبر اتحادهما‌

______________________________________________________

بل يؤدي إلى التكاذب ، فلا يمكن أخذ القدر المشترك بين الخبرين. فلو شهد أحدهما برؤية الهلال المحدب إلى الأرض ، والآخر برؤية الهلال المحدب إلى الشمال ، فالمدلول الالتزامي للخبر الأول عدم الهلال المحدب الى الشمال والمدلول الالتزامي للخبر الثاني عدم الهلال المحدب إلى الأرض. وكما أن القدر المشترك بين المدلولين المطابقيين للخبرين هو نفس وجود الهلال ، كذلك القدر المشترك بين المدلولين الالتزاميين لهما هو عدم الهلال ، فالأخذ بأحد المدلولين دون الآخر ترجيح بلا مرجح.

والعمدة في عدم الاعتبار بشهادة الشاهدين مع اختلافهما في الأوصاف المتضادة : هو عدم حكايتهما عن وجود خارجي واحد ، بل كل واحد يحكي عن وجود غير ما يحكيه الآخر ، فلا يكون خبرهما بينة.

هذا إذا كان خبر كل منهما عن الموصوف بنحو وحدة المطلوب. أما إذا كان بنحو تعدد المطلوب وجب قبولهما ، لاشتراك الخبرين في الحكاية عن ذات الموصوف بنحو مفاد كان التامة ، والاختلاف في وصفه ـ بنحو مفاد كان الناقصة ـ غير قادح ، كما لو اتفقا على الاخبار بوجود شي‌ء واختلفا في الاخبار عن وجود شي‌ء آخر. وعلامة ذلك : أن لو تبين للشاهد الخطأ في الشهادة بالوصف بقي مصراً على الشهادة بذات الموصوف بخلاف ما لو كان الاخبار عن الموصوف بما هو موصوف على نحو وحدة المطلوب ، فإنه لو تبين له الخطأ في الشهادة بالوصف عدل عن الشهادة بذات الموصوف. وقد أشرنا إلى ذلك في مباحث المياه في أوائل الكتاب فراجع. وعلى هذا فإطلاق ما في المتن وغيره : من عدم الاعتبار مع الاختلاف في غير محله.

[١] لما عرفت من الاشتراك في الحكاية عن أمر خارجي واحد ،

٤٥٦

في زمان الرؤية [١] مع توافقهما على الرؤية في الليل [٢].

______________________________________________________

بلا تكاذب بين الخبرين ، ليؤدى إلى المحذور السابق.

[١] إذ لا مقتضي لذلك بعد اشتراكهما في الحكاية عن وجوده ، مع كون وجوده في أحد الزمانين ملازماً لوجوده في الزمان الآخر.

[٢] فلو اختلفا فيها ـ كما لو شهد أحدهما برؤيته ليلة الاثنين والآخر برؤيته ليلة الثلاثاء ـ لم يثبت في كلتا الليلتين ، لعدم اشتراك الخبرين في أمر واحد. نعم لازم شهادة الأول كون يوم الثلاثاء من الشهر ، فيشترك الأول بمدلوله الالتزامي مع الثاني بمدلوله الالتزامي أيضاً. إلا أن هذا المقدار من الاشتراك غير كاف في الدخول تحت موضوع الحجية ، لاختصاصه بشهادة الشاهدين بأمر واحد ، والمدلول الالتزامي ليس مشهوداً به لهما ، ولا بد في صدق البينة من اتحاد المشهود به.

فان قلت : قد تكرر مراراً وتحقق : إمكان التفكيك بين المدلول المطابقي والالتزامي في الحجية ، فلم لا يكون الخبران حجة في المدلول الالتزامي لاشتراكهما فيه ، وليسا بحجة في المدلول المطابقي لعدم الاشتراك؟! قلت : إذا ثبت حجية شي‌ء أمكن حينئذ التفكيك بين مداليله في الحجية. والخبر الأول لما كان خبراً واحداً ، فليس بحجة ، وكذا الخبر الثاني ، فلا وجه لحجيتهما في المدلول الالتزامي. واشتراكهما في ذلك المدلول بالالتزام لا يجدي في وجوب ترتيب الأثر عليه واعتباره ، لما عرفت من اختصاص دليل حجية البينة بما إذا اتحد المشهود به.

نعم لو كان اللزوم بيناً بالمعنى الأخص ، وموجباً لكون الدلالة الالتزامية لفظية ، كفى الاشتراك في الدلالة عليه في صدق البينة ، والدخول تحت دليل الحجية ، لتحقق الحكاية حينئذ للخبرين عن أمر واحد.

وبالجملة : إذا اشترك الخبران في الحكاية عن أمر واحد بالدلالة‌

٤٥٧

ولا يثبت بشهادة النساء [١] ،

______________________________________________________

اللفظية ـ مطابقة ، أو تضمناً ، أو التزاماً ، أو مختلفة ـ صدق مفهوم البينة وثبتت الحجية في كل واحد من المداليل المذكورة ، لإطلاق دليل الحجية كما أنه لا مانع من التفكيك بينها في الحجية إذا قام دليل على نفي الحجية في واحد منها ، فتبقى البينة حجة في الآخر. أما إذا كان أحد الخبرين حاكياً عنه بالالتزام العقلي ، لعدم كون اللزوم بينا بالمعنى الأخص ، فلا عبرة بالخبرين معاً ، لانتفاء البينة ، فينتفي حكمها وهو الحجية ، فضلا عما إذا كان كل واحد منهما حاكيا كذلك.

ومن هنا يظهر أنه لو شهد عدل برؤية هلال شعبان ليلة الاثنين ، وآخر برؤية هلال شهر رمضان ليلة الأربعاء بعد ثلاثين ليلة ، فقبول شهادتهما لإثبات كون الأربعاء من شهر رمضان موقوف على كون دلالة شهادة الأول بالالتزام على كون الأربعاء من شهر رمضان من الدلالة اللفظية ، لكون اللزوم بيناً بالمعنى الأخص. لكنه ليس كذلك ، فلا وجه للقبول.

[١] إجماعاً ، كما عن غير واحد. لصحيح الحلبي المتقدم (١) وصحيح حماد : « لا تجوز شهادة النساء في الهلال » (٢) ونحوهما صحاح ابن مسلم (٣) وعبد الله بن سنان (٤) والعلاء (٥) وغيرها. وما في خبر داود بن الحصين : « لا بأس في الصوم بشهادة النساء » (٦) مطروح قطعاً.

__________________

(١) تقدم ذلك في أول الفصل.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الشهادات حديث : ١٠.

(٥) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الشهادات حديث : ١٩.

(٦) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١٥.

٤٥٨

ولا بعدل واحد [١] ، ولو مع ضم اليمين.

السادس : حكم الحاكم [٢]

______________________________________________________

[١] كما هو المشهور. وعن سلار : الاكتفاء به في الصوم دون الإفطار واستشهد له بصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) : « قال أمير المؤمنين (ع) : إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه عدل من المسلمين » (١) وفيه ـ مع أن المحكي عن بعض نسخه : ( عدول ) (٢) بدل ( عدل ) (٣) ، أو ( بينة عدل ) (٤) ، كما في الوسائل ، والبينة رجلان. وأن العدل يطلق على الواحد والكثير ، كما نص عليه أهل العربية. وأن مورده الإفطار ، الذي لا يقول به هو ـ : أنه لا يصلح لمعارضة ما سبق ، مما هو أصح سنداً وأكثر عدداً ، وموافق للإجماع ممن عداه.

[٢] كما هو ظاهر الأصحاب ، كما عن الحدائق. لإطلاق ما دل على وجوب قبوله ونفوذه ، وعدم جواز رده. ولصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) : « إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً أمر الإمام بالإفطار ذلك اليوم ، إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، وإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بالإفطار ذلك اليوم ، وأخر الصلاة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١. والتهذيب ج ٤ ص ١٧٧ طبع النجف الأشرف. وفيهما : « واشهدوا عليه عدولا .. ».

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١١ ، التهذيب ج ٤ ص ١٥٨ طبع النجف الأشرف ، الاستبصار ج ٣ ص ٧٣ طبع النجف الأشرف ، الفقيه ج ٢ ص ٧٧ طبع النجف الأشرف.

(٤) الوسائل باب : ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ٦. ولكن في الاستبصار ج ٢ ص ٦٤ طبع النجف الأشرف : « بينة عدول من المسلمين ».

٤٥٩

______________________________________________________

إلى الغد فصلى بهم » (١) والتوقيع الذي رواه إسحاق بن يعقوب : « وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله » (٢).

ويشكل الأول : بأن التمسك به فرع إحراز موضوعه ـ وهو الحكم الذي هو وظيفة المجتهد ـ فلا يصلح لإثبات موضوعه. نعم لو ثبت إطلاق يقتضي نفوذ حكم الحاكم في كل شي‌ء كفى ذلك في نفوذه في المقام. لكنه غير ثابت. والثاني مختص بالإمام الظاهر في إمام الحق ، ولا يجدي فيما نحن فيه. إلا أن يقوم ما يدل على أن الحاكم الشرعي بحكم الامام ، وله كل ما هو وظيفته. وأما التوقيع الشريف فلا يخلو من إجمال في المراد ، وأن الرجوع اليه هل هو في حكم الحوادث ، ليدل على حجية الفتوى؟ أو حسمها ليدل على نفوذ القضاء؟ أو رفع إشكالها وإجمالها ، ليشمل ما نحن فيه؟. وإن كانت لا تبعد دعوى انصرافه الى خصوص ما لا بد من الرجوع فيه الى الامام ، وليس منه المقام ، لإمكان معرفة الهلال بالطرق السابقة. وكأنه لأجل ذلك اختار بعض أفاضل المتأخرين : العدم ، وتبعه في الحدائق والمستند على ما حكي.

هذا ويمكن الاستدلال له بما ورد في مقبولة ابن حنظلة ، من قوله (ع) : « ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكماً » (٣) وقوله (ع) في خبر أبي خديجة : « اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضياً » (٤) فان مقتضى إطلاق التنزيل ترتيب جميع‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٩.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦.

٤٦٠