مستمسك العروة الوثقى - ج ١٠

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٠

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٨٦

١
٢

كتاب الحج‌

فصل

من أركان الدين : الحج [١]. وهو واجب على كل من استجمع للشرائط الآتية ، من الرجال والنساء والخناثى. بالكتاب ، وللسنة ، والإجماع من جميع المسلمين بل بالضرورة.

______________________________________________________

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

[١] كما تضمنته الروايات الكثيرة المروية في كتب الفريقين ، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « بني الإسلام على خمس : على الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية » (١). ونحوه مما هو كثير. و‌في المنتهى : « روي عن ابن عمر : أن النبي (ص) قال : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله (ص) (٢) وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان (٣) ، وحج البيت » (٤)

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٢.

(٢) الشهادة بالرسالة غير موجودة في رواية المنتهى ، نعم هي موجودة في رواية صحيح البخاري.

(٣) هذه الفقرة غير موجودة في رواية المنتهى ، ولا في رواية البخاري.

(٤) الموجود في رواية البخاري : ( الحج ) ، مع تقديمه على الصوم. وفي رواية المنتهى زيادة ( مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ). لاحظ المنتهى ج ٢ كتاب الحج صفحة : ١ ، صحيح البخاري ج : ١ الباب : ١.

٣

ومنكره في سلك للكافرين [١] ، وتاركه عمداً مستخفاً به بمنزلتهم [٢] ،

______________________________________________________

[١] كذا كله في الجواهر وغيرها. والظاهر أنه لا إشكال في ذلك نعم زاد في الجواهر قوله : « بل لعل تأكد وجوبه كذلك ، فضلاً عن أصل الوجوب .. ». وكأن وجهه : قوله تعالى ( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) (١) ، فان التعبير عن الترك بالكفر يدل على مزيد الأهمية. ولكنه غير ظاهر ، إذ المراد بالكفر مقابل الشكر ، وكما يحصل ذلك بترك الواجبات المؤكدة يحصل بترك الواجبات غير المؤكدة. اللهم الا أن يقال : تخصيصه بهذا التعبير يدل على نحو من الأهمية » إذ لم يرد ذلك في كثير من الواجبات ، فيدل ذلك على تميزه عنها بتأكد وجوبه. لكن ذلك موجب لعده من الضروريات عند العلماء ، لا عند المسلمين ومن ضروريات الدين.

[٢] إذا كان الوجه في ذلك ما ذكره في الجواهر : من أن تأكد وجوبه ضروري ، فالاستخفاف به راجع الى إنكار الأهمية ، فيكون من إنكار الضروري. فمقتضاه : أن مجرد الاستخفاف به موجب لذلك وإن لم يتركه فإذا أداه مستخفاً به فقد أنكر الضروري. وإن كان الوجه فيه : النصوص الكثيرة ، التي منها‌ صحيح ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (ع) ، قال : « من مات ولم يحج حجة الإسلام ، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به ، أو مرض لا يطيق فيه الحج ، أو سلطان يمنعه ، فليمت يهودياً أو نصرانياً » (٢) ‌، فلا اختصاص لها بالاستخفاف ، ومقتضى إطلاقها ترتب الأثر المذكور على الترك وان لم يكن عن استخفاف.

هذا إذا كان المراد من الاستخفاف به اعتقاد عدم أهميته ، وإذا كان المراد به أنه في غير محله ، فهو من إنكار الضروري ضرورة ، فيلحقه حكمه كما‌

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

٤

وتركه من غير استخفاف من للكبائر [١]. ولا يجب في أصل للشرع إلا مرة واحدة في تمام للعمر [٢] ، وهو المسمى بحجة الإسلام ، أي : الحج للذي بني عليه الإسلام ، مثل للصلاة وللصوم والخمس وللزكاة. وما نقل عن للصدوق في العلل : من وجوبه على أهل الجدة كل عام ـ على فرض ثبوته ـ [٣] شاذ ، مخالف للإجماع والأخبار [٤] ، ولا بد من حمله على‌

______________________________________________________

تقدم ، فلا يحسن جعله في مقابل ما تقدم. ولا دخل للترك عمداً في ترتب أثره.

[١] لأن ترك الواجب معدود من الكبائر في الروايات المتعرضة لعدد الكبائر.

[٢] بإجماع المسلمين على ذلك ـ كما في المنتهى ـ وإجماعاً بقسميه من المسلمين فضلاً عن المؤمنين ـ كما في الجواهر ـ بل ينبغي عد ذلك من الضروريات. نعم قال في العلل ـ بعد ما روى خبر محمد بن سنان الآتي‌ : ـ « جاء هذا الحديث هكذا ، والذي اعتمده وأفتي به : أن الحج على أهل الجدة في كل عام فريضة .. » (١) ، ثمَّ استدل بالأخبار الآتية.

[٣] يظهر من المصنف الارتياب في ثبوت ذلك ، وسبق إلى ذلك العلامة في المنتهى. لكن لا مجال للارتياب في ثبوته ، بقرينة أنه ذكره في ذيل خبر ابن سنان الآتي‌. اللهم إلا أن يكون الارتياب في وجود هذا الكلام في العلل. فتأمل. نعم المقام العلمي الرفيع للصدوق يأبى صدور ذلك منه لما عرفت من أنه من الواضحات ، نسأله تعالى العصمة ، إنه أرحم الراحمين.

[٤] في صحيح هشام بن سالم ـ المروي عن محاسن البرقي ـ عن أبي عبد الله (ع) ، قال : « ما كلف الله تعالى العباد إلا ما يطيقون ، إنما كلفهم

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ٣.

٥

بعض المحامل ـ كالأخبار للواردة بهذا المضمون ـ [١] من ارادة الاستحباب المؤكد ، أو للوجوب على للبدل [٢] ،

______________________________________________________

في اليوم والليلة خمس صلوات‌ .. ( إلى أن قال ) : وكلفهم حجة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك » (١) ‌و‌في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) قال : « إنما أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك ، لأن الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوة » (٢). و‌في خبر محمد بن سنان : « إن أبا الحسن علي بن موسى الرضا (ع) كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله ، قال : علة فرض الحج مرة واحدة : لأن الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوة ، فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحداً ، ثمَّ رغّب أهل القوة على قدر طاقتهم » (٣).

[١] في صحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى (ع) قال : « إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام ، وذلك قوله عز وجل : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) (٤). قال : قلت : فمن لم يحج منا فقد كفر؟ قال : لا ، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر » (٥). ونحوه صحيح أبي جرير القمي‌ (٦) ، وخبر حذيفة بن منصور‌ (٧) وغيرهما.

[٢] هذا الاحتمالان حكاهما في الوسائل عن الشيخ (ره)

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ٣.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٦) الوسائل باب : ٢ من أبواب وجوب الحج حديث : ٤.

(٧) الوسائل باب : ٢ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

٦

بمعنى : أنه يجب عليه في عامه ، وإذا تركه ففي للعام الثاني ، وهكذا. ويمكن حملها على الوجوب للكفائي ، فإنه لا يبعد وجوب الحج كفاية [١] على كل أحد في كل عام إذا كان متمكناً ، بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج ، لجملة من الأخبار للدللة على أنه لا يجوز تعطيل للكعبة عن الحج [٢] ، والأخبار الدالة على أن على الامام ـ كما في بعضها ـ [٣] ، وعلى للوالي ـ كما في آخر ـ [٤] أن يجبر الناس على الحج والمقام في مكة وزيارة للرسول (ص) والمقام عنده ، وأنه إن لم يكن‌

______________________________________________________

[١] كما يظهر من النصوص الآتية ، وحكي القول بهما عن الشيخ وغيره.

[٢] عقد في الوسائل باباً لهذا الحكم ، وذكر فيه جملة وافرة من الروايات منها : صحيح حماد عن أبي عبد الله (ع) قال : « كان علي ـ صلوات الله عليه ـ يقول لولده : يا بني انظروا بيت ربكم فلا يخلو منكم فلا تناظروا » (١) ‌ونحوه غيره.

[٣] في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « لو عطل الناس الحج لوجب على الامام أن يجبرهم على الحج إن شاءوا وإن أبوا ، فإن هذا البيت إنما وضع للحج » (٢).

[٤] في صحيح الفضلاء عن أبي عبد الله (ع) : « لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبي (ص) لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده فان لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين » (٣) ‌ونحوه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

٧

لهم مال أنفق عليهم من بيت المال.

( مسألة ١ ) : لا خلاف في أن وجوب الحج بعد تحقق الشرائط ـ فوري ، بمعنى : أنه يجب المبادرة إليه في العام الأول من الاستطاعة [١] ، فلا يجوز تأخيره عنه ، وإن تركه فيه ففي‌

______________________________________________________

غيره. لكن حمل النصوص ـ المتقدمة في دليل الصدوق ـ على ما ذكر بعيد لاختصاصها بأهل الجدة ، والإجبار لا يختص بهم. ولعمومها لصورة عدم حصول التعطيل ، والإجبار يختص به ، ولذلك جعل في الجواهر حمل النصوص على الوجوب الكفائي ـ الذي جعله في الوسائل أقرب ـ غريباً ، وقريب منه في البعد والغرابة حمل الوجوب على البدل » بل كاد أن يكون مقطوعاً بخلافه. وأقرب الوجوه الحمل على الاستحباب المؤكد » ولذا اقتصر عليه في المعتبر وغيره.

[١] في التذكرة والمنتهى : « قاله علماؤنا أجمع .. ». ونحوه كلام غيره. ويشهد له النصوص ، كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال : « قال الله تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً .. ) (١) ، قال : هذه لمن كان عنده مال وصحة. وإن كان سوفه للتجارة فلا يسعه ، وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام ، إذا هو يجد ما يحج به » (٢) ‌، و‌صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « إذا قدر الرجل على ما يحج به ، ثمَّ دفع ذلك وليس له شغل يعذره به ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام » (٣). ونحوهما غيرهما. وقد عقد في الوسائل باباً واسعاً للأخبار المستفاد منها ذلك‌ (٤) ،

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب وجوب الحج حديث : ٣.

(٤) لاحظ الباب : ٦ من أبواب وجوب الحج.

٨

العام للثاني ، وهكذا ، ويدل عليه جملة من الأخبار. ولو خالف وأخر ـ مع وجود الشرائط ـ بلا عذر يكون عاصياً. بل لا يبعد كونه كبيرة ، كما صرح به جماعة [١] ، ويمكن استفادته من جملة من الأخبار [٢].

______________________________________________________

وإن كانت دلالة كثير منها على ما نحن فيه محل مناقشة.

[١] منهم المحقق في الشرائع ، فذكر فيها أن التأخير كبيرة موبقة. وفي المسالك : « بلا خلاف في ذلك عندنا .. ». وفي المدارك ـ بعد ما ذكر ما في الشرائع وغيره من الاحكام ـ قال : « هذه الأحكام كلها إجماعية ، على ما نقله جماعة منهم المصنف في المعتبر .. ». لكن الذي يظهر من المعتبر : أن الفورية إجماعية ، أما كون التأخير كبيرة فلا يظهر منه.

[٢] يمكن استفادته من صحيح عبد العظيم الحسني ، حيث عد من جملة الكبائر : ترك ما فرضه الله تعالى‌ (١) ، ومن خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) فيما كتبه إلى المأمون ، حيث عد من جملة الكبائر : الاستخفاف بالحج‌ (٢) ، بناء على أن يكون المراد منه الاستخفاف العملي ، فإن تركه في العام الأول نوع من الاستخفاف العملي به. وأما ما‌ ورد من أنه : « من مات ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً » (٣) ‌فالظاهر اختصاصه بصورة ترك الحج في تمام العمر ، فلا يشمل صورة ما إذا تركه في العام الأول وحج في العام الثاني. وأما الآية الشريفة (٤) فقد عرفت أن المراد من الكفر فيها ترك الشكر ، وهو قد يكون بفعل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب جهاد النفس حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب جهاد النفس حديث : ٣٣.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب وجوب الحج حديث : ٥.

(٤) يريد بها قوله تعالى ( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ )بعد قوله : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) .. آل عمران : ٩٧.

٩

( مسألة ٢ ) : لو توقف إدراك الحج ـ بعد حصول الاستطاعة ـ على مقدمات : من السفر وتهيئة أسبابه ، وجب المبادرة إلى إتيانها على وجه يدرك الحج في تلك السنة. ولو تعددت الرفقة ، وتمكن من المسير مع كل منهم ، اختار أوثقهم سلامة وإدراكاً [١].

______________________________________________________

الكبيرة ، وقد يكون بفعل الصغيرة.

[١] قال في المدارك : « ولو تعدد الرفقة في العام الواحد ، قيل : وجب المسير مع أولها ، فإن أخر عنها وأدركه مع التالية » وإلا كان كمؤخره عمداً في استقراره ، وبه قطع جدي في الروضة. وجوز الشهيد في الدروس التأخير عن الأولى إن وثق بالمسير مع غيرها. وجوز الشهيد في الدروس التأخير عن الأولى إن وثق بالمسير مع غيرها. وهو حسن » بل يحتمل قوياً : جواز التأخير بمجرد احتمال سفر الثانية ، لانتفاء الدليل على فورية المسير بهذا المعنى. وأطلق العلامة في التذكرة جواز التأخير عن الرفقة الأولى. لكن المسألة في كلامه مفروضة في حج النائب ، وينبغي القطع بالجواز إذا كان سفر الأولى قبل أشهر الحج. وقيل تضيق الوقت الذي يمكن إدراكه فيه ، لأنه الأصل ، ولا مقتضي للخروج عنه .. ».

أقول : أما ما ذكره المصنف (ره) ، من لزوم اختيار الأوثق سلامة وإدراكاً ، ففيه : أنه غير ظاهر. بل هو خلاف طريقة العقلاء والمتشرعة ، فإنهم لا يزالون يسلكون الطرق المعتادة في السفر إلى الحج وغيره من الواجبات ، مع اختلافها في الوثوق المذكور ، وما كانوا يجتمعون على سلوك الأوثق ويتركون غيره. وكذلك في مراجعتهم الأطباء في معالجات أمراضهم مع اختلاف الأطباء في الوثاقة. إذ ليس بناؤهم على مراجعة الأوثق لا غير ، بحيث تكون مراجعتهم لغيره تقصيراً منهم في حفظ الصحة أو حفظ النفس. نعم الأوثق أرجح عندهم ، وقد يكون لغير الأوثق مرجح آخر ، فليس‌

١٠

ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول أخرى ، أو لم يعلم للتمكن من المسير والإدراك للحج بالتأخير ، فهل يجب الخروج مع الأولى ، أو يجوز للتأخير إلى الأخرى بمجرد احتمال الإدراك ، أو لا يجوز إلا مع الوثوق؟ أقوال ، أقواها الأخير [١].

______________________________________________________

الترجيح بالأوثقية على نحو اللزوم. نعم مع التعارض والتكاذب ـ بأن يقول أحد الطبيبين : الدواء كذا لا غيره ، ويقول الآخر : الدواء شي‌ء آخر لا غيره ، بحيث ينفي كل منهما قول صاحبه ـ لا ينبغي التأمل في لزوم العمل ـ عقلاً ـ بالأوثق ، لا في مثل المقام مما يحتمل الإصابة في كل من القولين. فالأنسب مقايسة المقام بباب الموسعات ، لا بباب لزوم تقليد الأعلم. فتأمل.

ومثله في الاشكال : ما حكاه في المدارك عن بعض ـ وقطع به جده في الروضة ـ : من لزوم السير مع القافلة الأولى وإن حصل العلم بوجود الثانية ، فإنه أيضاً غير ظاهر. والسبق الزماني لا يصلح للترجيح. اللهم إلا أن يختص كلامه بصورة العلم بإدراك الأولى وعدم العلم بإدراك الثانية ، فيكون الترجيح من جهة الأوثقية ـ كما ذكره المصنف (ره) ـ وقد عرفت إشكاله. وأما ما ذكره : من حصول الاستقرار إذا لم يدرك الحج ، فهو لا يختص بالفرض الذي ذكره ، بل يجري فيما لو سافر مع الأولى فلم يدركه وكان بحيث لو سافر مع الثانية أدركه ، لأن المدار في الاستقرار القدرة الحاصلة بالسفر مع إحدى القافلتين ، وإن كان قد سافر مع غيرها التي لم تدرك.

وبالجملة : مع تعدد القوافل لا موجب للخروج مع الأولى ، لعدم الخصوصية لها ، لا من حيث التكليف ، ولا من حيث الوضع.

[١] قد عرفت من عبارة المدارك : أن القول الأول اختاره في الروضة ، والثاني اختاره في التذكرة. والثالث اختاره في الدروس ، ومال‌

١١

وعلى أي تقدير إذا لم يخرج مع الأولى ، واتفق عدم التمكن من المسير ، أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج [١] ، وإن لم يكن آثما بالتأخير ، لأنه كان متمكناً من الخروج مع الأولى. إلا إذا تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً.

______________________________________________________

إليه في الجواهر. والعمدة في وجهه : أن التأخير مع الوثوق المذكور لا يعد تفريطاً في أداء الواجب. ولا يبعد أن يكون الأمر كذلك أيضاً مع الظن ، كما يشهد به بناؤهم على جواز تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم تكن أمارة على الموت ، وكذا تأخير قضائها وغيرهما من الموسعات. والفرق بين ذلك وبين ما نحن فيه ، بوجود المقتضي للبقاء هناك وعدم وجوده هنا. مندفع : بأن المقتضي قد يحرز في الفرض ، فيكون العدم فيه لوجود المانع. على أن الفرق المذكور غير فارق ، لأن الظاهر من ملاحظة كلماتهم في غير المقام جواز التأخير ما لم تظهر أمارات العجز.

فان قلت : قد اشتهر أنه مع الشك في القدرة يجب الاحتياط. قلت : يختص ذلك بصورة ما إذا كان الشك في القدرة موجباً للشك في التكليف ، ولا يشمل مثل المقام. نعم إذا فرض الشك في حصول التفريط بالتأخير مع الظن ، فالمرجع قاعدة الاحتياط ، لعدم المؤمن عقلاً ، فيلزم دفع الضرر المحتمل.

[١] كما عرفت في الحاشية السابقة.

١٢

فصل

في شرائط وجوب حجة الإسلام

وهي أمور :

أحدها : الكمال بالبلوغ والعقل ، فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقاً [١] ، ولا على المجنون وإن كان أدوارياً [٢] ،

______________________________________________________

فصل

في شرائط وجوب حجة الإسلام‌

[١] عليه العلماء كافة ، كما في المعتبر والتذكرة وغيرهما. ويدل عليه الأخبار الآتية.

[٢] عليه العلماء كافة ، كما في المعتبر وغيره. واستدل له بحديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق » ‌(١). و‌في الوسائل في أبواب مقدمة العبادات : « روي عن الخصال عن علي (ع) : إن القلم يرفع عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ » (٢). و‌خبر أبي البختري عن جعفر عن

__________________

(١) المعتبر ، المقدمة الأولى من كتاب الحج صفحة : ٣٣٧.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١.

١٣

إذا لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال. ولو حج الصبي لم يجز عن حجة الإسلام ، وإن قلنا بصحة عباداته وشرعيتها كما هو الأقوى ، وكان واجداً لجميع الشرائط سوى البلوغ. ففي خبر مسمع عن الصادق (ع) : « لو أن غلاماً حج عشر حجج ثمَّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام » (١). و‌في خبر إسحاق بن عمار [١] عن أبي الحسن (ع) : « عن ابن عشر سنين يحج؟ قال (ع) : عليه حجة الإسلام إذا احتلم. وكذا الجارية عليها الحج إذا طمثت » (٢).

______________________________________________________

أبيه عن علي (ع) : « أنه كان يقول في المجنون والمعتوه الذي لا يفيق ، والصبي الذي لم يبلغ : عمدهما خطأ تحمله العاقلة ، وقد رفع عنهما القلم » (٣). لكن عرفت فيما سبق أن الحديث المذكور ـ وكذلك حديث رفع التسعة ـ إنما يدل على رفع المؤاخذة برفع فعلية التكليف ، لأن الظاهر من رفع القلم عنه رفع قلم السيئات لا غير ، فلا يدل على رفع الملاك ، ولا رفع المشروعية. فالعمدة إذاً ـ في اعتبار العقل في مشروعية حج الإسلام ، وعدم وجوبه عليه بعد الإفاقة ـ هو الإجماع لا غير.

[١] مثله : خبر شهاب عن أبي عبد الله (ع) في حديث ، قال : « سألته عن ابن عشر سنين يحج؟ قال (ع) : عليه حجة الإسلام إذا احتلم. وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت » (٤). وما‌ في خبر أبان

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب قصاص النفس حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ١٢ من أبواب وجوب الحج حديث : ٢.

١٤

( مسألة ١ ) : يستحب للصبي المميز أن يحج [١] وان لم يكن مجزياً عن حجة الإسلام ، ولكن هل يتوقف ذلك على إذن الولي أولا؟ المشهور ـ بل قيل لا خلاف فيه [٢] ـ أنه مشروط بإذنه ، لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدي والكفارة [٣]. ولأنه عبادة متلقاة من الشرع مخالف للأصل ، فيجب الاقتصار فيه على المتيقن. وفيه : أنه ليس تصرفاً مالياً‌

______________________________________________________

ابن الحكم ، قال : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : الصبي إذا حج به فقد قضى حجة الإسلام حتى يكبر » (١) ‌فالمراد من حج الإسلام الحج المشروع في حقه ، أو ثواب حج الإسلام ، فلا ينافي ما سبق.

[١] لا إشكال في مشروعية الحج في حق الصبي ، وقد نفي عنه الخلاف فيه وادعي عليه الإجماع. ويدل عليه الأخبار المذكورة في المتن وغيرها ، مما مضى ويأتي.

[٢] لم أقف على من نفى الخلاف فيه. نعم في المعتبر ـ بعد أن اختار اعتبار إذن الولي ـ ذكر : أن لأصحاب الشافعي قولين : أحدهما لا يشترط » لأنها عبادة يتمكن من استقلاله بإيقاعها ، فأشبهت الصلاة والصوم. ثمَّ قال : « قلنا : إن الصلاة لا تتضمن غرم مال ، وليس كذلك الحج .. ». ونحوه ما ذكره العلامة في المنتهى. وربما يستفاد من نسبة القول بعدم الاعتبار إلى بعض الشافعية عدم الخلاف فيه منا ولا من غيرنا سواه. لكنه غير ظاهر ، ولذا نسب في كشف اللثام الاعتبار الى المعتبر والمنتهى والتذكرة والتحرير والدروس ، وقال : « وقد يظهر من الخلاف والمبسوط .. » ، واقتصر على ذلك. فتأمل.

[٣] ذكر ذلك في المعتبر ، والمنتهى ، والتذكرة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

١٥

وإن كان ربما يستتبع المال [١]. وأن العمومات كافية في صحته وشرعيته مطلقاً ، فالأقوى عدم الاشتراط في صحته ،

______________________________________________________

[١] ذكر ذلك في الجواهر. وفي كشف اللثام ـ بعد أن ذكر دليل الفاضلين المتقدم ـ قال : « وورود المنع عليه ظاهر .. ».

أقول : تصرف الصبي تارة : يكون تصرفاً في المال ، وأخرى : تصرفاً في النفس. وكل منهما تارة : لا يكون موضوعاً للحكم الوضعي من الصحة والفساد ، بل يكون موضوعاً للحكم التكليفي لا غير ، مثل إتلاف ماله وثوبه وقيامه وقعوده. وتارة : يكون موضوعاً للحكم الوضعي من الصحة والفساد ، مثل بيع ماله ، وإجارة نفسه للعمل ونحوهما. ولا إشكال في أن القسم الثاني من التصرف في المال مشروط بإذن الولي ، فلا يصح بيع ماله ، ولا إجارته ، ولا رهنه ، ولا أمثالها من التصرفات الواردة على ماله إلا بإذن وليه. كما لا إشكال في أن القسم الأول منه ومن التصرف في النفس ليس مشروطاً بإذن الولي ، فيجوز له وإن لم يأذن الولي ، ضرورة أنه لا معنى لاشتراطه بالاذن إلا حرمة وقوعه بغير إذن الولي. ومن المعلوم أنه لا حرمة على الصبي ، كما لا وجوب عليه ، فيجوز للصبي السفر بغير إذن الولي كالحضر ، وكذا كل فعل لا يكون إلا موضوعاً للحكم التكليفي ، ومنه إتلاف ماله.

وأما القسم الثاني من التصرف في النفس فاشتراطه بإذن الولي ـ بحيث لا يترتب الأثر عليه ، ولا يكون صحيحاً إلا به ـ يتوقف على دليل يدل على عموم ولاية الولي على النفس. ولم يتضح لدينا ذلك ، غير ما‌ ورد عن النبي (ص) من قوله : « أنت ومالك لأبيك » (١). لكنه وارد في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٨ من أبواب ما يكتسب به حديث : ٢. ونحوه غيره من أحاديث الباب المذكور.

١٦

وإن وجب الاستئذان في بعض الصور. وأما البالغ فلا يعتبر في حجه المندوب إذن الأبوين [١] ، إن لم يكن مستلزماً للسفر المشتمل على الخطر الموجب لأذيتهما. وأما في حجه الواجب فلا إشكال.

______________________________________________________

الكبير لا في الصغير ، وأيضاً يدل هذا الحديث على جواز التصرف ذاتاً لا بعنوان الولاية ، وكل ذلك لا يمكن الالتزام به. ولأجل ذلك يظهر وجه قوة ما ذكره المصنف (ره). وأما التصرف المالي الذي يستتبعه الحج ـ مثل الهدي ، والكفارة ـ فحكم الصبي فيه حكم العاجز ـ كما قيل ـ فينتقل إلى البدل مع الإمكان ، ومع عدمه يسقط. وسيأتي الكلام في ذلك قريباً.

[١] جعل في المسالك : اعتبار إذن الأبوين فيه أقوى ، وحكى عن القواعد : اعتبار إذن الأب ، وحكى عن الشيخ : عدم اعتبار إذنهما. وفي الروضة نسب الميل إلى الأخير إلى الدروس ، ثمَّ قال : « وهو حسن إن لم يستلزم السفر المشتمل على الخطر ، وإلا فاشتراط إذنهما أحسن .. » ‌

أقول : اعتبار إذن الأبوين أو خصوص الأب خلاف قاعدة السلطنة على النفس ، المستفادة من دليل قاعدة السلطنة على المال بالفحوى ، فالبناء عليه يحتاج إلى دليل مفقود ، سوى‌ خبر هشام بن الحكم ـ المروي في العلل ـ عن أبي عبد الله (ع) : « قال رسول الله (ص) : من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعاً إلا بإذن صاحبه ، ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره ، ومن صلاح العبد وطاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعاً إلا بإذن مولاه وأمره ، ومن بر الولد أن لا يصوم تطوعاً ، ولا يحج تطوعاً ، ولا يصلي تطوعاً إلا بإذن أبويه وأمرهما ، وإلا كان الضيف جاهلا وكانت المرأة عاصية ، وكان العبد فاسقاً عاصياً ، وكان الولد عاقاً ».

١٧

______________________________________________________

وفي كشف اللثام : « إنه ضعيف ». وكأنه : لأن في السند أحمد بن هلال العبرتائي ، وقد تقدم الكلام فيه في مبحث لباس المصلي من هذا الشرح.

وفي الكافي روى الحديث المذكور‌ بلا زيادة : ( ومن بر الولد .. ) (١) وفي الفقيه رواه مع الزيادة ، لكن اقتصر على ذكر الصوم تطوعاً ولم يذكر الحج ، ولا الصلاة‌ (٢). ولكن هذا المقدار لا يوجب السقوط عن الحجية وكذا المناقشة في الدلالة : بأن المراد من العقوق فيه عدم البر ، كما يقتضيه قوله (ع) : « ومن بر الولد .. ». فإنها مدفوعة : بأنها خلاف الظاهر. نعم ظاهر الخبر : اعتبار الأمر مع الاذن ، وبدون الأمر يكون الحج عقوقاً ولو مع الاذن وهو مما لم يقل به أحد. فيتعين حمله على إرادة بيان المرتبة العالية من البر ، ويكون المراد من العقوق ما يقابلها ، فيكون الخبر وارداً في مقام بيان الآداب الأخلاقية ، التي ينبغي أن يكون الولد عليها بالنسبة إلى والده ، فلا مجال للبناء على اعتبار الاذن في الحج ولا في غيره. ولا سيما بملاحظة عدم اعتبار إذنه في سائر الأفعال المباحة والمكروهة فكيف يعتبر في مثل هذه الأفعال التي هي من أفضل الطاعات وأعظم القربات؟

نعم إذا نهاه عنها عن شفقته عليه وجبت إطاعته وحرم الفعل إجماعاً ظاهراً ، كما يستفاد من كلماتهم في مبحث الصوم. أما إذا كان نهيه لا عن شفقته عليه ، فالظاهر عدم وجوب إطاعته ، وإن ورد في كثير من النصوص ما ظاهره وجوب إطاعة الوالد على الولد‌ (٣) ، ولكن لا مجال للأخذ به. ومن ذلك يظهر الإشكال في التفصيل الذي ذكره في الروضة. ولذا قيده المصنف (ره) بأذيتهما. وإن كان اللازم تقييدها بما إذا كانت عن شفقته‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الصوم المحرم والمكروه ملحق حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الصوم المحرم والمكروه حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٩٢ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ٤ وغيره.

١٨

( مسألة ٢ ) : يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز بلا خلاف ، لجملة من الأخبار [١]. بل وكذا الصبية ، وإن استشكل فيها صاحب المستند [٢].

______________________________________________________

عليه. وعليه يجوز سفر الولد للحج إذا لم يعلما به أبداً ، أو أنهما يعلمان به بعد رجوع الولد عن السفر ، أو يعلمان به حال وقوعه ولكن أذيتهما لا عن شفقة على الولد.

[١] منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) : « انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر ، ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ، ويطاف بهم ، ويرمى عنهم. ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه » (١) ‌، و‌صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) في حديث ، قال : « .. قلت له : إن معنا صبياً مولوداً ، فكيف نصنع به؟ فقال : مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها ، فأتتها فسألتها كيف تصنع ، فقالت : إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه ، وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم ، وقفوا به المواقف ، فاذا كان يوم النحر فارموا عنه ، واحلقوا رأسه ، ثمَّ زوروا به البيت ، ومري الجارية أن تطوف به بالبيت ، وبين الصفا والمروة » (٢) ‌، و‌مصحح إسحاق بن عمار : « سألت أبا عبد الله (ع) عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة وخرجوا معنا الى عرفات بغير إحرام. قال : قل لهم : يغتسلون ، ثمَّ يحرمون ، واذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم » (٣). ونحوها غيرها.

[٢] لاختصاص النصوص بالصبي ، وإلحاق الصبية به محتاج إلى دليل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢.

١٩

وكذا المجنون [١] ، وإن كان لا يخلو عن إشكال ، لعدم‌

______________________________________________________

مفقود. وربما استدل عليه بما تقدم من روايتي إسحاق‌ وشهاب‌ (١). وفي المستند : « فيه نظر ، لعدم دلالتها على وقوع الحج عن الصبية ، بل ولا على وقوع الحج من الصبي ، لجواز أن يكون السؤال عن وجوب الحج فأجاب بأنه بعد الاحتلام والطمث ، لا أن يكون السؤال عن الحج الواقع حتى يمكن التمسك فيه بالتقرير .. ».

أقول : الاحتمال المذكور خلاف الظاهر. نعم قوله (ع) : « وكذلك الجارية » لا يمكن حمله على التشبيه بأنها تحج وهي بنت عشر سنين ، بل يتعين حمله على أنها تحج قبل البلوغ ، ولا يقدح ذلك في دلالته. وقد يتمسك على الإلحاق بقاعدة الاشتراك. وفيه : أنها مختصة بالخطابات الموجهة إلى الذكر ، ولا تعم الخطاب الموجه إلى الولي على الذكر. وقد يستدل‌ بموثق يعقوب : « إن معي صبية صغاراً ، وأنا أخاف عليهم البرد ، فمن أين يحرمون؟ قال : ائت بهم العرج فليحرموا منها » (٢) ‌وأشكل عليه في المستند : بأن الثابت منها حج الصبية لا الحج بها.

أقول : أصل الاستدلال يتوقف على أن يكون الصبية جمعاً للذكر والأنثى ، فإن تمَّ فما ذكره من الاشكال ضعيف ، لأن الظاهر من قوله (ع) : « ائت بهم » ‌عدم استقلالهم في الأمور وكونهم تحت تصرفه. فلاحظ.

[١] ألحقه الأصحاب بالصبي. واستدل في المنتهى : بأنه لا يكون أخفض حالاً منه. وهو كما ترى!. فالعمدة فيه : قاعدة التسامح ، بناء على اقتضائها للاستحباب.

__________________

(١) تقدم ذكرهما في أول الفصل. فلاحظ.

(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ٧.

٢٠