مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٧

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٤

١

بسم الله الرحمن الرحيم

( ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامور ).

فوجثنا ـ ونحن نعد فهارس هذا الجزء ـ باعظم كارثة اصالت الامة الاسلامية وذلك بفقد زعيمها الاكبر وكرجعها الاعلى سماحة آية الله العظمى الامام الحكيم.

فقي الساعة الثانية والنصف غروبية من ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من ربيع الاول سنة ١٣٩٠ أسلم وجهه لله وهو محسن فسكن بذلك القلب الكبير بعد أن ظل اكثر من ربع قرن وهو عمر زعامته الكبرى يخفق بامال أمته والامها وسكنت تلك اليراعة المبدعة التي خلدت ـ فيما خلدت ـ فيما خلدت ـ هذه الموسوعة الفقهية الكبيرة ( مستمسك العروة الوثقى ) التي عبدت لسالكي طريق الاجتهاد نهجه القويم ، وجددت لمذهب اهل البيت عليهم‌السلام منهاجه الواضح ، فاستحق مؤلفها طاب ثراه بذلك لقب مجدد المذهب في هذا القرن.

وقد هز نعيه ارجاء العالم الاسلامي من أقصاه الى اقصاه وكان يوم نعيه يوما مشهودا في جميع اقطار دنيا الاسلام ، وقد شيعته بغداد باوعة لم يشهد لها في تاريخها نظير ، وواكبته عشرات المواكب ومئات الالوف من الناس الى مثواه الاخير في النجف الاشراف حيث دفن في جوار مكتبته العامرة جنب الجامع الهندي يوم الاربعاء مساء ، وما تزال المناحات قائمة عليه في جل البلاد وقد شارفت ذكراه الاربعينية.

رحمك الله ياأبا يوسف فقد عز بك الاسلام حيا وميتا وانا الله وانا اليه راجعون. ومن أحسن دنيا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا. بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فصل في صلاة الآيات

وهي واجبة [١] على الرجال ، والنساء [٢] ، والخناثى وسببها أمور : الأول والثاني : كسوف الشمس وخسوف القمر [٣]

______________________________________________________

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين فصل في صلاة الآيات‌

فصل في صلاة الآيات

[١] إجماعا ، بل لعله ضروري في الجملة. وتأتي الإشارة إلى وجهه.

[٢] إجماعا. لإطلاق النصوص ومعاقد الإجماع. وفي خبر ابن جعفر عليه‌السلام : « عن النساء هل على من عرف منهن صلاة النافلة وصلاة الليل والزوال والكسوف ما على الرجال؟ قال (ع) : نعم » (١).

وأما الخناثى فالذي يظهر من النصوص الواردة في ميراث الخنثى أنه مردد بين الذكر والأنثى وليس قسما آخر ويشهد له قوله تعالى ( خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) (٢).

[٣] إجماعا حكاه جماعة كثيرة. وتشهد له النصوص الكثيرة المصرحة بأن صلاة الكسوف فريضة ، كصحيح جميل (٣) وغيره. وفي خبر علي

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

(٢) النجم : ٤٥.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الايات حديث : ١ ، ٣.

٣

ولو بعضهما [١] ، وان لم يحصل منهما خوف [٢].

______________________________________________________

ابن عبد الله : « سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول : لما قبض إبراهيم بن رسول الله (ص) جرت فيه ثلاث سنن. أما واحدة : فإنه لما مات انكسفت الشمس ، فقال الناس : انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله (ص) ، فصعد رسول الله (ص) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال : يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، يجريان بأمره ، مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فاذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا. ثمَّ نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف » (١).

[١] بلا خلاف ظاهر ، لإطلاق الأدلة ، وخصوص بعضها. ومنه : ما تضمن نفي القضاء مع عدم احتراق القرص (٢).

[٢] لإطلاق الإجماع والنصوص ، كما في كشف اللثام. نعم في خبر الفضل : « إنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تعالى لا يدرى ألرحمة ظهرت أم لعذاب ، فأحب النبي (ص) أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها ، كما صرف عن قوم يونس (ع) حين تضرعوا الى الله عز وجل » (٣).

ولا يبعد حمله على بيان حكمة التشريع. ويشير الى ذلك المروي عن زين العابدين (ع) : « أما انه لا يفزع للآيتين ولا يذهب لهما إلا من كان من شيعتنا ، فاذا كان ذلك منهما فافزعوا الى الله عز وجل وراجعوه » (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الايات حديث : ١٠.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب صلاة الايات حديث : ١ ، ٢ ، ٣ ، ٤.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الايات حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

٤

الثالث : الزلزلة ، وهي ـ أيضاً ـ سبب لها [١] مطلقاً وإن لم يحصل بها خوف على الأقوى [٢].

الرابع : كل مخوف سماوي [٣]

______________________________________________________

[١] إجماعا ، كما عن جماعة. نعم قد يشعر بالخلاف اقتصار جماعة على غيرها : لكنه لا يهم بعد ورود خبر سليمان : « أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الزلزلة ما هي؟ فقال : آية. ( الى ان قال ) : قلت : فاذا كان ذلك فما أصنع؟ قال (ع) : صل صلاة الكسوف » (١). أما خبر عمارة : « إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة علامات الساعة ، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا الى مساجدكم » (٢) فالفزع الى المساجد فيه أعم من الصلاة. مع أن الأمر به محمول على الاستحباب قطعاً. وأما التعليل المتقدم في خبر الفضل فلم يظهر من خبره أنه علة للوجوب. وكذا قوله (ع) : « فأحب النبي (ص) .. ». فالعمدة : الخبر الأول ، المنجبر ضعفه بالعمل. إلا أن يستشكل في دلالته على الوجوب بما يأتي في صحيح زرارة ومحمد.

[٢] لإطلاق النص والفتوى.

[٣] على المشهور. وعن الخلاف : الإجماع عليه. واستدل له بصحيح زرارة ومحمد بن مسلم : « قلنا لأبي جعفر (ع) : هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها؟ فقال (ع) : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن » (٣) ، وبالتعليل في خبر الفضل المتقدم ، وبصحيح ابن مسلم وبريد عن أبي جعفر

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الايات حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

٥

______________________________________________________

عليه‌السلام وأبي عبد الله (ع) قالا : « إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة » (١).

وقد يستشكل في الأول : باحتمال السؤال فيه السؤال عن المشروعية لا الوجوب ، ومقتضى تنزيل الجواب عليه كونه لبيانها لا غير. ولا ينافي ذلك قوله (ع) : « حتى يسكن » ـ بناء على كون « حتى » للتعليل ـ ، لإمكان كونه تعليلا للمشروعية.

وفيه : أن الجملة الخبرية ظاهرة في الوجوب ، فاذا دخل عليها الاستفهام كان مفادها الاستفهام عن الوجوب. نعم قد عرفت الإشكال في دلالة التعليل على الوجوب. والأخير ـ مع إجمال موضوعه ، لإجمال اسم الإشارة ـ ظاهر في مقام بيان مشروعيتها في كل وقت للاية ما لم يتخوف فوت الفريضة ، لا أصل المشروعية ، كما يشير اليه قوله (ع) : « فصلها » بالإضمار دون الإظهار.

ومثله في الاشكال الاستدلال بصحيح عبد الرحمن : « سأل الصادق عليه‌السلام عن الريح والظلمة تكون في السماء والكسوف ، فقال الصادق (ع) : صلاتهما سواء » (٢) ، إذ الظاهر منه التسوية في الكيفية لا في الوجوب. وما في ذيله : من قوله : « وكان النبي (ص) إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه واصفر ، وكان كالخائف الوجل حتى تنزل من السماء قطرة من مطر فيرجع اليه لونه. ويقول : قد جاءتكم بالرحمة » ، (٣) لا يدل على إرادة التسوية في الوجوب لو كان من كلام‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الايات حديث : ٢.

(٣) الفقيه باب : ٨١ حديث : ٢٠. ولا يخفى : ان ذلك ليس في ذيل صحيح عبد الرحمن كما أفاده المؤلف ـ دام ظله ـ وانما هي ـ حسب رواية الفقيه ـ رواية مرسلة مستقلة. ولعله ـ دام ظله ـ اعتمد على الجواهر حيث جاء فيه ذلك متصلا بالصحيح المذكور. راجع الجواهر ج : ١١ ص ٤٠٨ طبع النجف الأشرف.

٦

أو أرضى ، كالريح الأسود أو الأحمر أو الأصفر ، والظلمة الشديدة ، والصاعقة ، والصيحة ، والهدة والنار التي تظهر في السماء ، والخسف ، وغير ذلك من الايات المخوفة عند غالب الناس. ولا عبرة بغير المخوف [١] من هذه المذكورات ولا بخوف النادر [٢] ، ولا بانكساف أحد النيرين ببعض الكواكب الذي لا يظهر إلا للأوحدي من الناس [٣] ، وكذا بانكساف بعض الكواكب ببعض [٤] ،

______________________________________________________

المعصوم ، مع أن الظاهر خلافه ، كما اعترف به غير واحد. بل ترك ذكر صلاته (ص) فيه يناسب عدم الوجوب.

ومما ذكرنا تعرف وجه القول بالاستحباب ـ على ما حكاه في الشرائع ـ وإن لم يعرف قائله ، كما عن غير واحد. وكأنه لصحيح محمد ابن مسلم وبريد ، وخبر الفضل مما سبق الاشكال فيه. ولصحيح زرارة ومحمد ، بناء على أن المراد من أخاويف السماء الأخاويف الإلهية. لكن إشكاله ظاهر. ولذا لم يتعرض للوجوب في الخوف الارضي إلا جماعة ، وقد ذهب الى عدم الوجوب فيه من ذهب الى الوجوب في الأخاويف السماوية.

[١] لأصل وعدم الدليل عليه ، إذ الأدلة المتقدمة ما بين مختص بالخوف وبين ما لا يعم غيره.

[٢] لانصراف الدليل عنه.

[٣] كما هو المشهور. لانصراف الأدلة عنه ، لعدم كونه آية. ومنه يظهر عدم الاعتبار بانكساف النيرين المتعارف إذا كان كذلك ، فالفرق بينهما ـ كما قد يظهر من المتن من جهة عدم تعرضه لذلك ـ غير ظاهر.

[٤] لخروجه عن النصوص.

٧

إذا لم يكن مخوفا [١] للغالب من الناس.

وأما وقتها ، ففي الكسوفين هو من حين الأخذ [٢] إلى تمام الانجلاء على الأقوى ، فتجب المبادرة إليها ـ بمعنى : عدم التأخير إلى تمام الانجلاء ـ وتكون أداء في الوقت المذكور. والأحوط عدم التأخير عن الشروع في الانجلاء ، وعدم نية الأداء والقضاء على فرض التأخير.

______________________________________________________

[١] أما لو كان مخوفا وجبت الصلاة ، بناء على ما تقدم : من وجوبها لجميع الأخاويف السماوية.

[٢] لا قبله إجماعا ، بل ضرورة ، ولا بعده بفصل إجماعا. للنصوص المتقدمة الظاهرة في المقارنة ، كما عن جماعة من المتقدمين وأكثر المتأخرين ومتأخريهم. وقيل : آخر وقتها الشروع في الانجلاء ، وهو المنسوب الى جل السلف ، والى المعظم ، والى المشهور. وعن التذكرة : نسبته إلى علمائنا.

واستدل للأول بصحيح الرهط : « صلى رسول الله (ص) والناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها » (١) ، وموثق عمار : « إن صليت الكسوف الى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل ، وإن أحببت أن تصلي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز » (٢) ، وصحيح جميل : « وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها » (٣). ونحوه خبر محمد بن حمران (٤). لكن الأخير لا إطلاق‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب صلاة الايات حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب صلاة الايات حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب صلاة الايات ملحق حديث : ٢.

٨

______________________________________________________

له ، لعدم وروده في بيان منتهى الوقت ، وإنما ورد في مقام عدم الكراهة في الصلاة عند طلوع الشمس أو غروبها. والأولان إنما يدلان على جواز البقاء في الصلاة وعدم وجوب الفراغ منها قبل الشروع في الانجلاء. أما جواز التأخير الى ما بعد الشروع في الانجلاء ، ووجوب الفعل لو علم به حينئذ ، بناء على سقوط الوجوب لو علم به بعد الوقت فلا يستفادان منهما. وكذا وجوب الأداء لو علم به حين حدوثه ، وكان الوقت الى الشروع في الانجلاء يقصر عن أداء الفعل.

وبالجملة : النصوص المذكورة لا تصلح لإثبات استمرار الوقت إلى نهاية الانجلاء ، بنحو تترتب عليه اللوازم المذكورة التي هي ثمرة الخلاف. اللهم إلا أن يكون إجماع على عدم الفصل بين مفادها وبين اللوازم المذكورة نعم يمكن إثبات اللازم الأول : بأصالة البراءة من وجوب المبادرة قبل الانجلاء ، والثاني : بظهور أدلة نفي القضاء في خصوص العلم به بعد تمام الانجلاء ، فلا مانع من الرجوع في صورة العلم به بعد الشروع في الانجلاء الى استصحاب بقاء الوجوب. والثالث : بإطلاق الأدلة. واحتمال المانع العقلي ـ وهو التكليف بفعل في وقت يقصر عنه ـ لا يصلح لتقييدها.

لكن ذلك موقوف على عدم تمامية أدلة القول الأخر. والعمدة فيه : صحيح حماد عن أبي عبد الله (ع) قال : « ذكروا انكساف القمر وما يلقي الناس من شدته ، فقال أبو عبد الله (ع) : إذا انجلى منه شي‌ء فقد انجلى » (١) وفيه : أن الظاهر منه المساواة في زوال الشدة لا المساواة في ترتيب الأحكام الشرعية المشار إليها آنفا ، لعدم مناسبته للمقام. لا أقل من الاجمال المانع من الصلاحية للاستدلال به. وأضعف من ذلك : الاستدلال بقاعدة الاحتياط وبأن الغرض من الصلاة رد النور وهو حاصل. إذ لا يخفى الإشكال في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب صلاة الايات حديث : ٣.

٩

وأما في الزلزلة وسائر الايات المخوفة فلا وقت لها [١] ،

______________________________________________________

ذلك من وجوه بأقل تأمل.

[١] أما في الزلزلة فهو المشهور ، بل صريح بعض وظاهر آخر : الإجماع عليه. لإطلاق دليلها الخالي عن التعرض لذلك. وأما سائر الايات المخوفة ، فالمحكي عن أكثر القائلين بالوجوب هو التوقيت بوقت الآية. وكأنه لأن العمدة في دليله صحيح زرارة ومحمد المتقدم ، فان قوله (ع) في ذيله : « حتى تسكن » ـ سواء أكان قيداً للمادة أم للهيئة أم علة غائية للوجوب ـ دال على توقيته بما قبل السكون. أما على الأول : فظاهر. وأما على الثاني : فلأنه يدل بالالتزام على خروج الوقت بالسكون ، لأنه إذا كان غاية للوجوب فيسقط به يمتنع أن يكون الوقت بعده لبقاء الموقت حينئذ بلا حكم. ولأجله يظهر الوجه في الدلالة على ذلك بناء على الاحتمال الثالث ، إذ مع حصول العلة الغائية يمتنع ثبوت المغي ، فلا مجال للتوقيت بما بعدها. نعم لو كان المستند فيه خبر الفضل أو صحيح بريد ومحمد فلا دلالة فيه على التوقيت. أما الثاني : فظاهر. وأما الأول : فلأن الرحمة والعذاب المتوقعين لا يختص وقتهما بوقت الكسوف ، بل يجوز أن يكون بعده بلا حد.

هذا والمنسوب الى ظاهر أكثر القدماء وأكثر المتأخرين : أنها لا وقت لها ، بل وجودها سبب للوجوب مطلقا. وكأنه لعدم الاعتناء بظاهر الذيل المتقدم ، لكونه من قبيل حكمة التشريع. وعن الدروس وغيرها : التفصيل بين ما يقصر زمانه عن أداء الصلاة فلا توقيت فيه ، وبين غيره فوقته وقت للفعل. وكأنه لا لانصراف الصحيح الأول الى الثاني ، فيبقى الأول داخلا في خبر الفضل والصحيح الثاني.

والانصاف أن احتمال كون الغاية علة غائية لا يمكن البناء عليه ،

١٠

بل يجب المبادرة إلى الإتيان بها بمجرد حصولها [١] ، وإن عصى فبعده الى آخر العمر [٢]

______________________________________________________

للإجماع ظاهراً على ثبوت المشروعية وجوباً أو استحباباً وان علم بأنه لا يسكن أو علم بأنه يسكن ولو لم يصل. وحمله ـ كما هو الظاهر ـ على أنه غاية للصلاة أيضاً خلاف الإجماع على عدم وجوب الاستمرار في الصلاة ـ ولو بنحو التكرار ـ الى أن يتحقق السكون. وكذا حمله على أنه قيد للهيئة ـ يعني : الوجوب ـ ، للإجماع على سقوط الوجوب بالامتثال ولو قبل السكون. وحمله على أنه قيد للوقت المقدر للوجوب أو الصلاة ـ يعني : يجب عليك في وقت محدود بالسكون أن تصلي ، أو يجب عليك أن تصلي في وقت محدود بالسكون ـ خلاف الظاهر. فمحتملات الذيل ما بين ظاهر لا يمكن الأخذ به ، وما بين ما هو خلاف الظاهر. وذلك مما يلحقه بالمجمل ، وحينئذ يسقط الصحيح عن الصلاحية لإثبات التوقيت في الأخاويف السماوية مطلقا. وقد عرفت أنه لا دليل عليه غيره ، فيكون حالها حال الزلزلة ، كما في المتن.

[١] أما في الزلزلة فقد نسب الى الشهيد ومن تبعه ، بل ظاهر محكي الذكرى : نسبته إلى الأصحاب. ويقتضيه خبر سليمان المتقدم ، فان الظاهر من قوله فيه : « فما أصنع » ـ يعني : في تلك الساعة لا مدة العمرة. وأما في غيرها من الأخاويف فكذلك أيضا ، لأنه منصرف دليلها ، بل هو الظاهر من فلها لاستدفاع العذاب ، ومن الأمر بالفزع الى الله تعالى والى المساجد. فتأمل جيدا.

[٢] كما هو المصرح به في كلامهم. والعمدة فيه الاستصحاب ، إذ الإطلاق قد عرفت تقييده في الزمان الأول.

١١

وتكون أداء مهما أتى بها الى آخره [١]. وأما كيفيتها ، فهي ركعتان [٢]

______________________________________________________

[١] لأن وقتها طول العمر فهما أتى بها فقد أتى في الوقت. هذا ولكن قد يشكل الفرق بينها وبين الكسوفين في ذلك ، إذ ليس مفاد أدلة وجوب المبادرة إلا وجوب الأداء في الوقت الأول ، وذلك معنى التوقيت بعينه ، وحينئذ فإن كان القضاء عبارة عن الفعل خارج الوقت كان فعلها في ما بعده من الأزمنة قضاء لا أداء ، ومنه يظهر الإشكال في دعوى التوقيت في الكسوفين ونفيه فيها.

بل يمكن دعوى : عدم صحة الفرق بينها وبينهما. في أن الوقت في الكسوفين محدود الأخر وليس فيها كذلك. ولذا كان المشهور سقوط الأداء في الكسوفين إذا كان الوقت قصيراً لا يسع الصلاة ، أو لا يسع ركعة منها ، لامتناع التكليف بفعل في وقت يقصر عنه ، فيسقط القضاء أيضاً لتبعيته له ، ولم يقل أحد بالسقوط مطلقاً في الزلزلة وما يتبعها. وجه عدم صحة الفرق المذكور : ما عرفت في أدلة القولين في آخر الوقت في الكسوفين من قصور أدلة الطرفين عن تحديد الأخر. وكذا عدم صحة ما قيل ـ في الفرق بينهما وبينها ـ : من جواز التأخير الى ما قبل الأخر بمقدار أداء الصلاة فيهما بخلافها. إذ فيه : أن أدلة وجوب المبادرة لا تختص بها دونها ، فان خبر الفضل شامل للجميع. وخبر عمارة نص في ذلك. والانصراف ، وكون الوجه في التشريع استدفاع العذاب لا يختص بنوع دون آخر. نعم قد تفترق من وجوه أخر زائدة على التوقيت كسقوط القضاء في الكسوفين في بعض الصور دونها وغير ذلك ، مما نتعرض له في المسائل الاتية إن شاء الله تعالى.

[٢] كما عن كثير من كتب الأصحاب. وعن جامع المقاصد : القطع‌

١٢

في كل منهما خمسة ركوعات [١] ،

______________________________________________________

بذلك ويشهد له‌ خبر عبد الله بن سنان ـ المروي عن الذكرى ـ : « انكسفت الشمس على عهد رسول الله (ص) فصلى ركعتين .. » (١) ـ الحديث الآتي ـ ، وخبر عبد الله بن ميمون‌ (٢) ، وخبر أبي البختري الآتي‌ (٣). ويشير اليه ما‌ في صحيح الرهط : « ثمَّ تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثمَّ تخر ساجداً فتسجد سجدتين ، ثمَّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى » (٤). فتأمل. ويؤيده : ما دل على الاجتزاء بالفاتحة والسورة مرة واحدة في كل خمسة ركوعات ، واختصاص التسميع في الخامس والعاشر (٥). نعم اشتهر في النصوص أنها عشر ركعات. وكأن المراد بالركعة ما يقابل السجدة بقرينة عطف السجدات عليها ، لا ما يدخل فيه السجدة ـ كما هو المعروف في النص والفتوى ـ الذي هو محل الكلام. فلا يصلح لمعارضة ما في النصوص المتقدمة. ولعل ما يحكى عن مشهور القدماء : من التعبير بأنها عشر ركعات محمول على ذلك ، دعاهم اليه متابعة أكثر النصوص.

[١] إجماعا ، بل ضرورة من المذهب ـ كما قيل. ويشهد له النصوص الكثيرة. نعم في خبر أبي البختري : أنها ركعتان في أربع سجدات وأربع ركعات (٦). وخبر يونس : أنها ثمان ركعات كما يصلي ركعة وسجدتين (٧). لكنه محمول أو مطروح ، لمخالفته لما سبق.

__________________

(١) الذكرى : النظر الثاني من فصل صلاة الايات في كيفيتها.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٦ ، ٧ ، ١٣.

(٦) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٤.

(٧) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٥.

١٣

وسجدتان بعد الخامس من كل منهما ، فيكون المجموع عشرة ركوعات ، وسجدتان بعد الخامس ، وسجدتان بعد العاشر.

وتفصيل ذلك : بأن يكبر [١] للإحرام مقارناً للنية ، ثمَّ يقرأ الحمد وسورة ، ثمَّ يركع ، ثمَّ يرفع رأسه ويقرأ الحمد وسورة ، ثمَّ يركع ، وهكذا حتى يتم خمساً ، فيسجد بعد الخامس سجدتين ، ثمَّ يقوم للركعة الثانية فيقرأ الحمد وسورة ثمَّ يركع ، وهكذا الى العاشر فيسجد بعده سجدتين ، ثمَّ يتشهد ويسلم. ولا فرق بين اتحاد السورة في الجميع أو تغيرها [٢].

______________________________________________________

[١] ففي صحيح الرهط : « إن صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات .. ( الى أن قال ) : فتبدأ فتكبر بافتتاح الصلاة ، ثمَّ تقرأ أم الكتاب وسورة ، ثمَّ تركع ثمَّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثمَّ تركع الثانية ، ثمَّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثمَّ تركع الثالثة ، ثمَّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثمَّ تركع الرابعة ، ثمَّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثمَّ تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثمَّ تخر ساجدا فتسجد سجدتين ، ثمَّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الاولى » (١). وما قد يظهر من خبر ابن سنان الآتي (٢) ـ المروي عن الذكرى ـ ، وخبر أبي بصير (٣) من عدم وجوب الفاتحة مما لا مجال للعمل به إجماعا ، نصاً وفتوى.

[٢] للإطلاق. وقد يوهم اعتبار المغايرة ما في صحيح الرهط :

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

(٢) يأتي التعرض له بعد صفحات وقد تقدم في صفحة : ١٣.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٢.

١٤

ويجوز تفريق سورة [١] واحدة على الركوعات ، فيقرأ في القيام الأول من الركعة الأولى الفاتحة ، ثمَّ يقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر [٢] ، ثمَّ يركع ويرفع رأسه ويقرأ بعضاً‌

______________________________________________________

« فإن قرأ خمس سور فمع كل .. » (١) ، والتوصيف للسور بالأخرى في غيره (٢). لكن الظاهر أن المراد منه ما يقابل التبعيض. فلاحظ.

[١] بلا خلاف ظاهر. وفي صحيح الرهط : « قلت : وان هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها بينها قال (ع) : أجزأه أم القرآن في أول مرة ، فإن قرأ خمس سور فمع كل سورة أم الكتاب » (٣) وفي صحيح الحلبي : « وان شئت قرأت سورة في كل ركعة ، وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة. فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب. وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى » (٤). وفي صحيح زرارة ومحمد : « إن قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب. فان نقصت من السورة شيئاً فاقرأ من حيث نقصت ، ولا تقرأ فاتحة الكتاب » (٥).

[٢] كما عن العلامة الطباطبائي ، ومال إليه في الجواهر. لإطلاق النصوص المتضمنة للتفريق. ومنها : صحيح الرهط ، الذي به وبنحوه يرفع اليد عن ظاهر النصف المذكور في بعض النصوص ، لكونها نصاً في جواز التفريق على أكثر من ركوعين.

__________________

(١) هذه بعض فقرات الحديث المتقدم في التعليقة السابقة.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٧ ، ١٣.

(٣) هذه بعض فقرات صحيح الرهط المتقدم في التعاليق السابقة.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٧.

(٥) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٦.

١٥

آخر من تلك السورة ويركع ، ثمَّ يرفع ويقرأ بعضاً آخر وهكذا الى الخامس حتى يتم سورة ، ثمَّ يركع ، ثمَّ يسجد بعده سجدتين ، ثمَّ يقوم إلى الركعة الثانية ، فيقرأ في القيام الأول الفاتحة وبعض السورة ، ثمَّ يركع ويقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولى الى العاشر ، فيسجد بعده سجدتين ، ويتشهد ويسلم. فيكون في كل ركعة : الفاتحة مرة ، وسورة تامة مفرقة على الركوعات الخمسة مرة. ويجب إتمام سورة في كل ركعة [١] ، وان زاد عليها فلا بأس [٢].

______________________________________________________

[١] على المشهور كما عن جماعة. وفي الحدائق : « ظاهر الأخبار والأصحاب وجوب إتمام سورة في الخمس ، لصيرورتها بمنزلة ركعة فتجب الحمد وسورة ». لكن في كشف اللثام : « في وجوب سورة في ركعة كل صلاة واجبة نظر ».

أقول : يشهد للأول ما في صحيح الرهط من تعين تكرار الفاتحة والسورة في كل ركوع ، والاجتزاء عنه بسورة واحدة مفرقة على الخمسة ركوعات مع قراءة الفاتحة في الأول. ولا يظهر له معارض في لزوم قراءة السورة التامة. وأما مثل ما في صحيح الحلبي من قوله (ع) : « وإن شئت قرأت نصف سورة » فلا إطلاق له من هذه الجهة ، لوروده في مقام مشروعية التبعيض في الجملة ، فلا يدل على جواز قراءة الأنصاف المتعددة من سور متعددة. فتأمل.

[٢] كما صرح به غير واحد على ما حكي. فله أن يوزع السورة على ركوعين أو ثلاثة أو أربعة ، ويقرأ في الزائد الفاتحة وسورة ، كما يشهد به ـ مضافاً الى ما تقدم في صحيح الحلبي ـ صحيحا البزنطي وابن جعفر (ع) :

١٦

والأحوط الأقوى وجوب القراءة عليه من حيث قطع [١] ، كما أن الأحوط والأقوى عدم مشروعية [٢] الفاتحة حينئذ إلا إذا أكمل السورة ، فإنه لو أكملها وجب عليه في القيام بعد الركوع قراءة الفاتحة [٣]. وهكذا كلما ركع عن تمام‌

______________________________________________________

« وان قرأت سورة في الركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب » (١) ، وإطلاق ما تقدم في صحيح زرارة. وفي محكي الذكرى : « يحتمل أن ينحصر المجزي في سورة واحدة أو خمس ، لأنها إن كانت ركعة وجبت الواحدة وان كانت خمساً فالخمس ، وليس بين ذلك وساطة ». وضعفه يظهر مما عرفت. بل التخيير بين الأمرين ـ على ما يظهر من كلامه ـ لا يناسب التردد بين المبنيين المذكورين.

[١] كما هو صريح جماعة وظاهر آخرين. للأمر به في صحيح زرارة ومحمد المتقدم ، فيقيد به إطلاق غيره ـ كصحيح الحلبي ـ لو تمَّ. وحمل الأمر به على الجواز ـ لأنه في مقام توهم الحظر ، لاحتمال عدم الاجتزاء بالبعض ـ غير ظاهر. فما عن الشهيدين : من جواز القراءة من أي موضع شاء منها ، وجواز رفضها وقراءة غيرها ضعيف. كضعف ما عن المبسوط : من التخيير بين القراءة من حيث قطع وبين قراءة غيرها من السور.

[٢] كما عن ظاهر الأكثر. للنهي عنه في صحيح زرارة ومحمد ، وفي صحيح البزنطي المتقدمين. وحمله على الرخصة لكونه في مورد توهم الوجوب غير ظاهر. ومجرد المقابلة بينه وبين الأمر بقراءتها على تقدير قراءة سورة تامة غير كافية في ذلك. والتعبير بالاجزاء في صحيحي الرهط والحلبي المتقدمين لا يصلح قرينة على ذلك ، لكونه أعم.

[٣] على المشهور ، بل يظهر من كلام غير واحد : الإجماع عليه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١٣ وملحقة.

١٧

سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده ، بخلاف ما إذا لم يركع عن تمام سورة بل ركع عن بعضها ، فإنه يقرأ من حيث قطع ولا يعيد الحمد كما عرفت. نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض سورة [١]

______________________________________________________

إلا من الحلي. وفي الجواهر : « يمكن أن يكون الإجماع قد سبقه ولحقه » وتشهد له النصوص المتقدمة. وفي صحيحي البزنطي وابن جعفر (ع) : « إذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرأ فاتحة الكتاب » (١).

واحتج للحلي‌ برواية عبد الله بن سنان ـ المروية عن الذكرى ـ : « انكسفت الشمس على عهد رسول الله (ص) فصلى ركعتين فقرأ سورة ثمَّ ركع فأطال الركوع ، ثمَّ رفع رأسه فقرأ سورة ، ثمَّ ركع فعل ذلك خمس مرات .. » (٢) ورواية أبي بصير المتضمنة : « أنه يقرأ في كل ركعة مثل سورة يس والنور ، وإن لم يحسن يس وأشباهها يقرأ ستين آية » (٣). مضافا الى ما دل على وجوب الفاتحة مرة في كل ركعة (٤) والجميع لا يصلح لمعارضة ما سبق من وجوه. مع أن الأولين لو تمت دلالتهما على ما ذكره دلا أيضا على عدم لزوم الفاتحة أصلا حتى في القيام الأول ، ولم يقل به أحد ، كما سبقت إليه الإشارة.

[١] بلا خلاف ظاهر في جوازه. ويقتضيه إطلاق صحيحي الحلبي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١٣ وملحقه.

(٢) مر ذلك في الكلام على اعتبار خمسة ركوعات في كل ركعة.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ٢.

(٤) ان كان المراد بذلك النصوص الخاصة ، فلاحظ ما سبق في هذا الشرح من نصوص الباب. وان كان المراد النصوص العامة الواردة في مطلق الصلاة ، فلاحظ ما يأتي من تعليقنا على نظير العبارة المذكورة ص : ١٩.

١٨

فسجد ، فالأقوى وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية ، ثمَّ القراءة من حيث قطع [١]. وفي سورة التفريق يجوز قراءة‌

______________________________________________________

وزرارة (١). وعن الشهيد في الألفية ، أنه قال : في الخامس والعاشر يتمها. وكأن وجهه : بناؤه على عدم الإطلاق في الصحيحين السابقين من هذه الجهة ، كما أشرنا إليه في مسألة وجوب إتمام السورة الواحدة.

[١] كما احتمله في محكي الذكرى ، وقواه في الجواهر ، حاكياً له عن منظومة الطباطبائي ، لإطلاق الصحيح المتقدم. لكنه تضمن النهي عن قراءة الفاتحة حينئذ. ولذلك قال في محكي التذكرة : « يحتمل أن يقرأ من الموضع الذي انتهى اليه أولا من غير أن يقرأ الحمد ». وفي الجواهر مال الى وجوب قراءة الحمد ، وينبغي أن يكون في أول قيامها ، كما في الركعة الاولى ، وفيه : أن الأمر بالقراءة من حيث نقص في الصحيح إن كان يشمل الركعة الثانية بالإضافة الى ما نقصه في الأولى فالنهي عن قراءة الحمد شامل لذلك ، وبه حينئذ يخرج عن إطلاق ما دل على وجوبها في كل ركعة من الفريضة (٢) لو تمَّ شموله للمقام. وان لم يكن شاملا لها لم تجب القراءة من حيث نقص ، فالتفكيك في ذلك بين الأمر والنهي المقترنين لا يساعد عليه العرف جدا.

والانصاف أن ارتكاز كونها ركعتين كل ركعة خمسة ركوعات ، الذي عرفت دلالة النصوص عليه ، يوجب انصراف الصحيح الآمر بالقراءة من حيث نقص إلى القراءة في الركوعات المتصلة ، فكأن الركوع لا يوجب فوات الموالاة بين أبعاض السورة اللازمة في كل ركعة. ولذلك اكتفي‌

__________________

(١) مر ذكرهما في الكلام على جواز تفريق السورة الواحدة في صلاة الايات.

(٢) تقدم منه ـ دام ظله ـ في أول فصل القراءة من الجزء السادس : ان الاخبار الواردة غير ظاهرة في وجوب قراءة الحمد في كل ركعة. وانما المعتمد في الالتزام بذلك هو وضوح الحكم المذكور.

١٩

أزيد من سورة في كل ركعة مع إعادة الفاتحة بعد [١] إتمام السورة في القيام اللاحق.

( مسألة ١ ) : لكيفية صلاة الآيات ـ كما استفيد مما ذكرنا ـ صور [٢] : الأولى : أن يقرأ في كل قيام قبل كل ركوع بفاتحة الكتاب وسورة تامة [٣] في كل من الركعتين ، فيكون كل من الفاتحة والسورة عشر مرات ، ويسجد بعد الركوع الخامس والعاشر سجدتين.

الثانية : أن يفرق سورة واحدة [٤] على الركوعات‌

______________________________________________________

بالحمد في القيام الأول. فالبناء على وجوب الفاتحة وعدم وجوب القراءة من حيث نقص أقرب الى العمل بالأدلة.

[١] لما تقدم في صحيح الحلبي من قوله (ع) : « حتى تستأنف أخرى » (١).

[٢] صور الكيفية ثلاث : التكرار في جميع الركوعات ، والتفريق فيها ، والجمع بينهما. ولما كانت هذه الصور الثلاث جارية في كل واحدة من الركعتين انتهت صور الصلاة الى تسع ، ناشئة من ضرب الثلاث المتصورة في الركعة الاولى ، في الثلاث المتصورة في الركعة الثانية. ثلاث منها يتفق فيها الركعتان في الكيفية ، وست منها تختلف فيها.

[٣] صرح بها في صدر صحيح الرهط (٢).

[٤] صرح بها في ذيل صحيح الرهط (٣) أيضا.

__________________

(١) راجع صفحة : ١٥.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة الايات حديث : ١.

٢٠