ففزعت إلى الوقوف ، وقلت : إن كان هذا فضلا تركته ، وإن كان ضلالة فشرّ منه نجوت ، فاغن عنّي نفسك ... (١).
وحفلت هذه الرسالة ببعض المغالطات السياسية ، وهو تركه لمبايعة الإمام عليهالسلام لأنّه لم يكن فيها عهد من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أصحيح منه ذلك؟ فهل خفيت عليه النصوص الواردة من النبيّ في حقّ عليّ؟ وأنّه منه بمنزلة هارون من موسى؟
وأنّه وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعده؟ وأنّه مع الحقّ ، والحقّ معه؟ وهل خفيت البيعة العامّة للإمام يوم غدير خم؟ وهل كانت ولاية أبي بكر بنصّ من النبيّ صلىاللهعليهوآله ؟
ولكنّ الله تعالى هو الذي يحكم بين عباده في حشرهم ونشرهم ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وعلى أي حال فقد قنع معاوية برسالة ابن عمر وعرف أنّه لا يناصر الإمام ولا يكون من حزبه ، وذلك ربح ونصر له.
وسعد بن أبي وقّاص هو ممّن تخلّف عن بيعة الإمام ، فكتب إليه معاوية يمنّيه ويغريه ليجلبه إليه ، وكتب إليه هذه الرسالة :
أمّا بعد .. فإنّ أحقّ الناس بنصرة عثمان أهل الشورى من قريش ، الذين أثبتوا حقّه ، واختاروه على غيره.
وقد نصره طلحة والزبير ، وهما شريكاك في الأمر والشورى ، ونظيراك في الإسلام .. وخفّت لذلك ـ أي للطلب بدم عثمان ـ أمّ المؤمنين ، فلا تكرهن ما رضوا ، ولا تردّنّ ما قبلوا ، فإنّما نردّها شورى بين المسلمين ... (٢).
وفي هذا الكتاب الدعوة إلى الأخذ بثار عثمان الذي هبّ إلى المطالبة بدمه
__________________
(١) و (٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٠٣.