فإن قيل : إذا كان العموم ناقلا عمّا في العقل ، وكان العمل به قد حضر وقته ، وضاق الوقت عن طلب المخصّص ما الّذي يلزمه؟
قلنا : الأقرب أنّه يلزمه العمل على العموم ، لأنّه لو لم يجز ذلك لم يسمعه الله تعالى إيّاه قبل تمكينه من المعرفة بالمخصّص ، فيجب [عليه] العمل بالعامّ ، ثمّ يطلب المخصّص فيما بعد.
ويحتمل أن يقال : يعمل على ما في عقله ، لأن من شرط العمل على العموم أن يعلم فقد المخصّص ، وهو غير حاصل ، ويجوز أن يكون له مصلحة في سماع العموم في ذلك الوقت.
المبحث العاشر : في البيان التدريجي
اختلف القائلون بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب في جواز التدريج في البيان ، فذهب بعضهم إلى المنع ، وآخرون إلى الجواز.
احتجّ الأولون بأنّ التنصيص على إخراج البعض دون غيره ، يوهم وجوب استعمال اللّفظ في الباقي ، وانتفاء التخصيص بشيء آخر ، وهو تجهيل للمكلّف ، وإنّما ينتفي هذا التجهيل بالتنصيص على كلّ ما هو خارج عن العموم واحتجّ الآخرون : بالوقوع فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) على التدريج من ذكر نصاب السرقة أوّلا ، وعدم الشبهة ثانيا ، مع عموم اللّفظ لكلّ سارق.
__________________
(١) المائدة : ٣٨.