المبحث الثامن : في ترك الاستفصال
اعلم أنّ ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يقوم مقام العموم في المقال ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لابن غيلان (١) وقد أسلم على عشر [نسوة] : «أمسك أربعا منهنّ ، وفارق سائرهنّ» (٢) ، ولم يسأل عن كيفية العقد عليهنّ هل وقع دفعة أو مترتّبا ، وكان إطلاق القول دالّا على عدم الفرق بين الترتيب في العقود ، وبين حصولها دفعة.
والأقرب ، التفصيل فنقول : إن علم أو ظنّ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعلم خصوص الحال ، وجب القول بالعموم ، وإلّا لبيّن صلىاللهعليهوآلهوسلم الفرق ، وإن لم يعلم ذلك ، لم يحكم بالعموم ، لاحتمال أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عرف خصوصيّة الواقعة ، فترك الاستفصال ، بناء على معرفته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) في الأعلام للزركلي : «غيلان بن سلمة الثقفي ، حكيم شاعر جاهليّ ، أسلم يوم الطائف وعنده عشر نسوة ، فأمره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فاختار أربعا ، فكانت سنّة ، توفي سنة ٢٣ ه. لاحظ الأعلام : ٥ / ١٢٤. وكذا في المصادر الآتية «غيلان بن سلمة» فعلى هذا فالصّحيح «غيلان» لا ابن غيلان ، وقد تبع المصنّف ، الكتب الأصوليّة ، فقد جاء فيها «ابن غيلان» مكان «غيلان».
(٢) أخرجه الترمذي في سننه : ٣ / ٤٣٥ ، برقم ١١٢٨ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ٢ / ١٣ ، وابن ماجة في سننه : ١ / ٦٢٨ ، برقم ١٩٥٣ ، والحاكم في مستدركه : ٢ / ١٩٣.